يقدم هذا الكتاب قراءة لتجليات ما بعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة من خلال نماذج دالة، وقد وقع الاختيار على خمس روايات، من ثلاثة أقطار عربية، رأى الباحث أنها تعبر بشكل أو بآخر عن رؤى ما بعد الحداثة، وهي في مجملها تدين ما وصل إليه العرب، وتعبر عن أزمة الإنسان العربي، وضياع الانتماء، والإحساس بالدونية في الوطن، وغياب الهوية الجامعة، وسيادة الفردية والنرجسية.
فقد حملت روايات ما بعد الحداثة نمطا مغايرا، وإن كان بعض من كتبها كانوا حداثيين، إلا أنهم أعادوا قراءة الواقع والتجربة، وبعضهم لم يكن حداثيا، بل من جيل الشباب الذين نشأوا في شعارات براقة، وتطبيق زائف، فانطلقوا منتقدين الواقع، بلغة واضحة، وسرد مباشر، وتعبير عن الأزمات برؤية شمولية، بأسئلة صريحة، وتشريح للوطن، ونثر الذات بكل ما فيها من تناقضات، ومناقشة المحرمات، ورفض الإيديولوجيات الكبرى، التي آمنوا بها فترة من الزمن، ونادوا بها في كتاباتهم، ثم عادوا رافضين لها: إما لعدم جدوى تطبيقها، أو لأن دعاتها ليسوا أهلا لها، أو لأن الجميع اكتووا بتسلط الديكتاتوريات العربية. وقد احتوت هذه الروايات على كثير من المنجز الجمالي الروائي العربي، على صعيد الشكل والأسلوب والبناء.