登入選單
返回Google圖書搜尋
تاريخ الصحافة المصرية
註釋

يضمُّ هذا الكتابُ أحدثَ دراسةٍ علميةٍ، متخصصةٍ، شاملةٍ، لتاريخِ الصحافةِ فى مصر منذ بدايتها الأولى، فى نهاية القرن الثامن عشر، عبر الحملة الفرنسية مرورًا بالمراحل المختلفة التى شاهدت نشأة الصحافة فى ثوبها الرسمى - فى عهد محمد علي، ثم ازدهارها بظهورِ الصحافة الشعبية فى عصر الخديوي إسماعيل، وبلوغها ذورة التعبير عن الحس الوطنى، خلال الثورة العرابية؛ التى انتهت بالهزيمة، ومجيئ الاحتلال البريطانى، وظهور خريطة جديدة للصحافة المصرية؛ تميَّزت بتنوَّعِ الانتماءاتِ، وتعدد الولاءاتِ، واشتداد الصراع بين الصحف التى تولتْ قيادة الحركة الوطنية، فى مواجهة صحف الاحتلال، وقد انتزعتِ الصحافةُ المصرية فى تلك المرحلة، موقع الريادة فى التاريخ السياسي والصحفى على المستوى العالمى؛ إذ دُشِّنَتِ الصحفُ الوطنية الثلاث (اللواء- المؤيد- الجريدة) أول تجربة حزبية خرجت من عباءة الصحف؛ خلال العقد الأول من القرن العشرين.

وإذا كانتِ الصحافةُ المصرية قد عانت مِنَ الأحكام العرفيَّةِ، بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر، وما تبعها من إجراءات التطبيق والمصادرة للصحف الوطنية خلال الحرب العالمية الأولى؛ إلا أنها بادرتْ بالنهوض فور انتهاء الحرب وشاركت بفاعلية فى أحداث ثورة 1919 التى انتهت بالاستقلال المنقوص، وبدء المرحلة الحزبية الثانية، التى استمرت حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952.

وتم رصد هذه التطورات التى مرَّتْ بها الصحافةُ المصرية، حيث اشتبكت وتفاعلت مع الأحداث الوطنية، والاجتماعية، والثقافية، وسجلت فترات المد والجذر التى مرَّتْ بها الحركةُ الوطنية، والأزمات التى مرَّ بها الشعبُ المصرى، وفترات القهر والشدة التى ألمَّتْ بزعماءه ومناضليه وكادحيه؛ كما أبرزت لحظات نهوضه وتألَّقه – خلال الثورات والانتفاضات - وصلابة رموزه الفكرية والوطنية.

وقد استلزم ذلك تقسيم الدراسة إلى قسمين أو بابين: يركز الباب الأول (10 فصول) على الرصد التاريخى للصحافة المصرية وأدوارها، فى إطارٍ تكاملى يبرز العلاقةَ الجدلية بين الصحافة، وحركة المجتمع صعودًا أو هبوطًا، وفى الباب الثانى(فصلين) يطرح الكتاب من خلالهما الجانب الآخر مِنْ تاريخِ الصحافة المصرية، الذى يشمل القيود القانونية، والتشريعات التى حاصرتْ حريَّةَ التعبير منذ قدوم "بونابرت" إلى مصر حتى اليوم؛ كما يرصد أدوارَ الصحفيين الروَّاد واتصالهم الدائم ؛ من أجل الدفاع عن حرية التعبير، وكرامة المهنة، وحقوق الصحفيين.

هذا وقد ختمنا هذه الدراسة بطرح إشكالية العلاقة بين الصحافة والسلطة السياسية فى إطار ثورة يوليو؛ محاولين إبراز الدور الذى قامت به المؤسسةُ العسكرية الحاكمة، حول تطويع المؤسسة الصحفية؛ مما أهدَرَ الكثيرَ منْ تقاليدَ المهنةِ وأصولها؛ باعتبارها مهنة جدل، وحوار، ونقد للسلبيات، وتقصٍّل أسباب الفساد ومظاهره؛ حيث تحولتْ إلى وظيفة، يسيطر عليها الطابعُ الرأسى للاتجاه.

وفى النهاية يسعدنا أنْ نهدى هذا الجَهد إلى طلاب، ودارسى الصحافة بالجامعات المصرية؛ آملين أنْ يضيف إليهم المعرفة والرؤية الأشمل لتاريخ الوطن الذى تتصدر الصحافة المصرية أبرز مواقعه؛ تعبيرًا عن فتراته المضيئة والمعتمة وتفاعلاً مع حكَّامه، وثوَّاره، ورموزهِ الفكرية، والوطنية الساطعة، وسعيًا دؤوبًا من أجل النهوض، والاستنارة.