لا يكفي أي قدر من الكلمات للتعبير عن الإدانة لمجزرة (القيادة العامة) في الخرطوم.. وكل لحظة تمر تكشف عن حجم الجريمة التي لن تتوقف مطالب الشعب السوداني بتحقيق دولي بشأنها. ولا يمكن مطلقا المساومة في هذه المطالب التي يقف خلفها كل أهل السودان مدافعين عن الثورة التي مهرت بالتضحيات الغالية، رغم ما تشهده الساحة حاليا من تآمر مكشوف، هدفه سرقة الثورة..
إن سرقة ثورة ذات أهداف سامية يعني سرقة وطن وسرقة حقوق كل أجيال السودان في أن تحتكم إلى نظام سياسي ديمقراطي حقيقي يتوج نضالات كل العقود الزمنية السابقة التي شارك فيها كم هائل من السياسيين المخلصين لتراب الوطن والمدافعين عن حقوق بناته وأبنائه في الكرامة والحرية والديمقراطية والعدالة..
إن الكلمات لا تكفي للحديث عن هذه الجريمة الكبيرة (جريمة فض الاعتصام) غدراً وما حدث فيها من قتل للمدنيين العزل.. وما حدث من انتهاكات أخرى تمثلت في عمليات اعتداءات جنسية (عمليات اغتصاب) وثقتها جهات طبية وحقوقية كثيرة..
إن من قاموا بالانتهاكات الصريحة لحقوق الإنسان في السودان لن يفلتوا من العقاب.. وهذه الأحداث التي تكشف عن مجرمين كثر شاركوا في فض الاعتصام وما كان يحركهم في ذلك الأمر، هو الخوف من بدء مرحلة جديدة في السودان بعد انتصار الثورة.. وهي مرحلة الديمقراطية الحقيقية التي لا مجال فيها للوصول إلى (قصر الرئاسة) أو إلى رئاسة مجلس الوزراء دون انتخابات حرة ونزيهة يراقبها العالم بأسره، أقول إن هذه الأحداث تسهم حالياً في بلورة تيار قوي موحد هو تيار الدفاع عن الديمقراطية في السودان وحماية مكتسبات الثورات الظافرة من أجل الديمقراطية التي شهدتها أعوام 1964 و1985 وأخيراً (2018-2019)..
إن المجزرة استهدفت «إسكات صوت الثورة من أجل الديمقراطية» ولكن هيهات.. وما حدث يوحد الآن كل من يريدون الاحتكام إلى الديمقراطية في السودان عبر جبهة وطنية عريضة تعمل على تشييد جدار منيع يمنع تسلل «لصوص الثورات والقوى السياسية الانتهازية».
جاء يوم فض الاعتصام في التاسع والعشرين من رمضان.. لتتكشف في الساحة بوضوح ملامح المؤامرات المستمرة لسرقة الثورة.. وهي مؤامرات دبرت في الخفاء واعتمدت «أسلوب تطبيق المجزرة الدموية» أمام القيادة العامة لقوات الشعب السودانية المسلحة، ظانه أن القتل سيخيف الثائرات والثوار المسنودين بكفاح ونضال الشعب السوداني بأسره.. الشعب الذي أسقط ديكتاتورية نظام نميري وقبله نظام عبود.. كما سجل التاريخ ذلك عبر صفحاته