«وجلستُ بجوار زكريا الحجاوي بعد أن قدَّمني إلى الجالسين قائلًا: الأستاذ محمود السعدني الكاتب الفنَّان! … وشعرتُ بخجلٍ شديد وغيظٍ أشد؛ فقد ظننت أنه يَسخر مني! فلم أكُن أستاذًا، ولم أشعر يومًا ما بأنني كاتب أو فنَّان، وكنت أخجل من عرضِ إنتاجي على أحد.»
ارتبطَت المقاهي بالحركة الأدبية؛ ففيها يلتقي الأدباء، وتُلقى الندوات، ويتتلمذ كُتابٌ حديثو العهدِ بالكتابة على أيدي أدباءَ كِبار نقَشوا أسماءَهم في عالَم الأدب حتى صار يُعرف بهم، وكان من أشهر هذه المقاهي «قهوة عبد الله» في الجيزة، التي تردَّد عليها الكثيرُ من كُتاب الأدب والصحافة، وكان من بين روَّادها الأديبُ الساخر «محمود السعدني»، وفيها تعرَّف على الكثير من رجال الصحافة والأدب في عصره، وكان للكثير منهم فضلٌ عليه لا يُنكِره، وكان بعضهم سببًا في جرحٍ لا ينساه وإن كان يَغفره. وقد جاء هذا الكتاب سِجلًّا حافلًا بالعديد من هذه الشخصيات، فنتعرَّف عن كثَب على جانبهم الإنساني، ومبادئهم التي دفعوا ثمنَها غاليًا، والمصائرِ التي آلَ إليها أمرُهم، والإنتاج الذي قدَّموه.