登入選單
返回Google圖書搜尋
تنمية الأرياف والبوادي في الأردن
註釋

 

تشـير الأرقام الإحصائية إلى أن نسبة سكان المدن تجاوزوا في الأردن 80% من إجمالي عدد السكان. وإن البداوة بوصفها نمطاً معيشـياً وإنتاجياً تلاشت إلى حد كبير، وتعود أسباب الانتقال الواسع والسـريع إلى المدن والعاصمة عمّان تحديدا إلى ارتفاع نسبة الهجرة الوافدة (القسـريّة والاختيارية)، والهجرة الداخلية من الأطراف (البادية والأرياف والمدن البعيدة).

واجه المهاجرون صعوبات جمّة في التكيف والانخراط في حياة مدينيّة حقيقية تحقق الاندماج والتكامل، وحافظ أغلبهم على قيمهم التقليدية، وما زالت المدن الأردنية تواجه ازدواجية في القيم وأنماط الإنتاج بين التقليد والتحديث، أو بين الماضـي والحاضـر.

أما القرية الأردنية، فقد فقدت شخصـيتها بفقدان أنماط إنتاجها التقليدية بالزراعة المختلطة، ولم تعد مصدرا للشغل؛ بل مصدرا للعمل والعمالة في المدينة كموظفين ومستخدمين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وانعكس ذلك على التركيب الطبقي للسكان في الأردن بتلاشـي طبقة الفلاحين، وإحلال عمالة زراعية وافدة بالأساس.

v     ما هي أفضل المشاريع الزراعية المناسبة لمناطق البادية والريف؟

يتطلب الريف والبادية تنمية شاملة أساسها تطوير قطاعٍ إنتاجي (تصنيع اقتصاد زراعي)، وتطوير مستوى الخدمات، ووقف الهجرة الداخلية، وتغيير اتجاهاتها إلى هجرة معاكسة، نظرا لتضخم المدن وتفاقم أزماتها بالازدحام والاكتظاظ السكاني وفقدان الخصوصـية، وجعل التنمية الاجتماعية والحضارية مدخلا للتنمية الاقتصادية، وتوظيف كل العوامل لتحقيق

التغير الاجتماعي المطلوب في الأطراف المحيطة بالعاصمة، التي استحوذت على الجانب الأكبر من الجهد التنموي، لسد الفجوة الإنتاجيّة والحضارية بين الريف والمدينة، وإنقاذ تلك الأطراف النائية من عزلتها وتأخرها المزمن، ونشـر قيم الثقافة العصـرية؛ كالاهتمام بالوقت والمستقبل، والعمل الإنتاجي، والادخار والاستثمار، ومساواة المرأة وتشجيعها على العمل الإنتاجي خارج البيت.

ويقاس مدى نجاح التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الريف والبادية؛ بتحرير سكان المجتمع المحلي من الحتميّة الطبيعية والمناخية التي تجعلهم أسـرى الظروف الطبيعية، من جفاف وانحباس الأمطار، ووعورة السطح، وقلة مساحة الأرض الزراعية، وتغيير العقلية القدَريّة التي تتميز أحيانا بالسلبية والاستسلام لتلك الظروف.

لقد أثبتت التجارب التنموية أن سـر نجاح مشـروع تنمية الريف والبادية مرهون بمقدار إشـراك أهل الريف والبادية أو الأطراف الهامشـية في تنمية مناطقهم مشاركة فعّالة ومنتجة، فهم الأقدر من غيرهم على تحديد حاجاتهم من الآخرين الذين يحملون صورا نمطية ثابتة عن الريف وأهله، وتتفق هذه الرؤية مع توجهات منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) الخاصة بالتنمية الريفيّة في تأكيدها على شـروط نجاح التنمية الريفية وهي:

-         إعطاء سكان الريف وقواه المحركة الدور الأبرز في المشـروع التنموي.

-         جعل استجابة الحكومة المركزية للتنمية والتطوير عبارة عن استجابة لطلب السكان المحليين، وليس العكس.

-    توظيف عناصـر التنمية الأساسـية من موارد المنطقة والاعتماد عليها، وجعل العناصـر والموارد الخارجية عناصـر تكميليّة للموارد والعناصـر المحلية.

لقد أدى تجاهل هذه الشـروط أو الاستخفاف بها إلى إفشال التنمية الريفية العربية بإدخالها أنماطاً إنتاجيّة وحضارية مغايرة للبيئة وتطلعات السكان المحليين اللذين يتطلعون لأنماط ثقافية وإنتاجيّة صديقة للبيئة المحلية.