تمتع الأزهر جامعاً وجامعةً بمكانى دينية وعلمية عريضة ؛ عمَّت العالم أعصراً وأحقاباً متتالية. فإلى جانب وظائفه المتعددة تعليمياً ونشراً وتأصيلاً للدراسات الإسلامية العربية ؛ كان مثوى للعلماء الشوامخ بالتدريس ووضع المؤلفات ، وموئلا للطلاب إذ وجدوا فى رحابه العلم والرعاية ، وهدفا للترابط الفكرى والثقافى بين مصر وشعوب الأمة الإسلامية . وهو بهذه المثابة يعد فى مقدمة المساجد الجامعة فى مصر ، فكان قبلة للملوك والرؤساء لأداء صلاة الجمعة والعيدين ، ومن فوق منبره ألقيت البيانات والخطب السياسية خلال الأزمات ،ولايزال بحيويته المتجددة المز الحى المجسد للتراث الإسلامى العربى ، حتى قيل عنه إنه قبلة المسلمين العلمية فى العالم أجمع . ويسرد المؤلف فى هذا الكتاب مكانة الأزهر فى العصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية ، ومدارسه ومكتبته وأروقته وعمارته وأوقافه ، ورسالته الدينية والعلمية المتجددة ، وسماحته فى احتضان طلابه على تنوع دولهم ومذاهبهم وتوجهاتهم ، وتاريخه السياسى والمجتمعى الحافل ، وتزعمه الانتفاضات الشعبية فى وجه الاحتلال واضطراب الأحوال فى البلاد ، ودوره فى الحفاظ على الدين واللغة والتراث العربى .. كل ذلك وغيره عرضه المؤلف بأسلوب رصين ، ولغة ميسرة ، ورواية منصفة تحفظ للجامع مكانه، وللجامعة رسوخها ورسالتها الممتدة لأكثر من ألف عام . الناشـــر