حظيت اللهجاتُ العربيةُ المعاصرة باهتمام الدارسين المحدثين من العرب وغيرهم منذ القرن الماضي، وقد اختلفت، وتنوّعت أسبابُ، ومسوِّغاتُ، ومناهجُ الدارسين المحدثين للَّهجات. إنَّ نظرةً متأملة لما تمَّ إنجازُه كفيلةٌ بأن تُعطيَ الدّارسَ فكرةً جيّدةً عن مدى هذا الاهتمامِ الذي لقيَتْه اللَّهجاتُ المعاصرةُ من الدارسين والباحثين؛ فدوافعُ الاشتغالِ بالعاميّة تختلف من مؤلِّف إلى مؤلِّف، خاصةً " وأنَّ بعضَهم غيرُ مفصِحٍ عن دوافعِه في مؤلَّفِه، أو أنه يخفي ما يكنُّه صدره تحت شعار دوافع مضلة، إنما الدوافع تستفاد بإستقراء ملابساتٍ تَحيق بالمؤلِّف، وما عُرف عنه من اتجاهات في سلوكه الاجتماعيّ. وحديثي عن العاميّة في الأردن ليس ضرباً من التعصُّبِ لها، ولا دعوةً إلى اصطناعها في حياتنا الثقافية، وإنّما درسْتُها بوصفها واقعاً لغويّاً منطوقاً، ما زال حيّاً على ألسنة الناس؛ في محاولةٍ لربط العاميّةِ في الأردنِّ بأمِّها الفصيحةِ، وبيانِ مدى ارتباطِها بالفصيح، أو بعدِها عنها. فالعاميّةُ، أو اللَّهجةُ الدارجةُ ميدانٌ مهمٌّ للباحث اللُّغويِّ؛ لأنّها تمدُّك بنصوصٍ لغويةٍ، وأنماطٍ، وصيغٍ، وتراكيبَ منطوقةٍ، وهذا المنطوقُ أهمُّ من المكتوب، كما يؤكِّدُ ذلك غيرُ واحد من اللِّسانيِّين المحدثين.