ينتناول هذا الكتاب مفهوم الإمامة ( الخلافة ) في الإسلام، و اختلاف هذا المفهوم من عصر إلى آخر، و أهمية الخطاب السياسي الإسلامي و تنوعه في ظل تنوع هذا المفهوم، و ارتباط الأفكار السياسية بالقيم والعقائد التي يؤمن بها الأفراد أو تنهض على أساسها المجتمعات.
و في المقابل بنى الشيعة عامة و الفاطميون خاصة أدبهم على الاحتجاج لرأيهم، و حافظوا على عقيدتهم؛ فلا يكاد أحد منهم يعدل عنها أو يزيد عليها، بل إنهم يرددون أصولها و تعاليمها في أساليب شتّى و فنون مختلفة؛ فأصبح الشعر الفاطمي يمثل خطابا سياسيا خاصا بهم.
لقد خضع هذا الشعر الفاطمي السياسي لأساليب الجدل و المناقضة على أساس الدين والحكم و الفكر السياسي لكل حزب أو مذهب أو عقيدة، و أصبح هذا الشعر يمثل خطابا سياسيا يؤسس لكل ممارسة حزبية أو مذهبية أو عقائدية؛ بحيث ينبغي علينا الحفر فيما وراء كل ممارسة عن جملة المفاهيم و التصورات المعرفية المؤسسة لها في العمق، و تفسيرها في ضوء تأويلاتها الفكرية أو العقائدية، و التي كانت تمزج السياسة بالدين؛ إذ أن محورها الأساسي الذي تدور في فلكه هو "الإمامة" ، و هي منصب سياسي ديني؛ لأن نظام الحكم نفسه – في ذلك الوقت- قائم على الدين الذي يعتمد عليه، و يستمد منه نفوذه و سلطانه.