«ولم يكن اهتمامُ جُرْجي زيدان بكتابة الرواية التاريخية، ودأبه عليها، مُنفصلًا عن أسئلة مشروع النهضة والحداثة؛ فقد فرَض عليه سياقُه التاريخي أن يُشارك في صياغة أسئلة النهضة والحداثة، وأن يُسهِم في محاوَلة الإجابة العملية عنها.»
ينطلق هذا الكتاب من افتراض أن تصوُّر «جُرْجي زيدان» النظري لأسباب النهضة والحداثة، يتحقَّق أدبيًّا في السرد الروائي التاريخي الذي اضطلع به «زيدان» في روايتَيه «أسير المُتمهدي» (١٨٩٢) و«الانقلاب العثماني» (١٩١١)، اللتَين تناوَلتا أحداثًا تاريخية حاسمة في ظلِّ سياقٍ خارجي مضطرِب؛ إذ افترَضَت المؤلِّفة أن هذين العملَين الأدبيَّين لا يقدِّمان الأحداثَ التاريخية بصياغةٍ أدبية بريئة أو محايِدة، بل تنطوي الصياغةُ الروائية على بَلْورةٍ لموقف ثقافي واجتماعي وسياسي محدَّد نحو تلك الأحداث، أو على نسقٍ ثقافي مُضمَر، وأحيانًا صريح، يمثِّل بؤرة أو بَرمجة ثقافية لمجموعةِ فرضياتٍ تخصُّ مشروع النهضة والحداثة، سعى «جُرْجي زيدان» إلى نشرها على نطاقٍ واسع من خلال رواياته التاريخية التي حظيَت بالانتشار والتداول وقتئذٍ. استعانت المؤلِّفة في إثبات فرضيتها بما يسمح به منظور النقد الثقافي من مُوالَفة بين نظريات النقد الأدبي وأدواته؛ فلجأَت إلى نظرية العلامة، والسميولوجيا، والتفكيك، والنقد النِّسْوي، والتحليل النفسي عند «جاك لاكان»، ومفهوم القراءة بالتوازي، وغيرها.