هذا الكتاب محاولة للمساهمة المعرفية للإجابة على سؤال العلاقة بين مشروع بناء الدولة الحديثة إجمالاً ودولة القانون والمواطنة على وجه الخصوص، وتم تكريسه لتتبع العلاقة الجدلية بين مساعي بناء دولة القانون والمواطنة والنظام الديمقراطي، وتناوُل حروب اليمن منذ عام 1994م مرورًا بحروب صعدة وحرب العقد الثاني من الألفية الثالثة التي ابتدأت عام 2014م. وتظهر هذه العلاقة بوضوح من خلال قيام حرب 1994م لمنع تطبيق وثيقة العهد والاتفاق الذي مثّل توافقًا وطنيًا لتحقيق مشروع بناء دولة القانون والمواطنة والنظام الديمقراطي، في حين كانت حروب صعدة تهدف إلى العودة باليمن إلى الخلف، بعد أن أوقفت حرب 1994م السَّير إلى الأمام. وكان هدف طرفي هذه الحروب إقامة دولة عائلية بنظام وراثي يسعى كل طرف للفوز بها، عائلة علي عبدالله صالح من جهة، وعائلة الحوثي من جهة أخرى. وقد أوقفت ثورة 11 فبراير مشروع دولة العائلة الوراثي، ومكَّنت اليمنيين بقيادة قُواهم السياسية والاجتماعية من التوافق غير المسبوق على عقد اجتماعي جديد لبناء دولة القانون والمواطنة والنظام الديمقراطي مُمثّلاً في وثيقة مُخرجات الحوار الوطني الشامل، لكن العائلتين والقُوَى القبلية والتقليدية المناهضة لمشروع بناء الدولة بالأصل، شنَّت حرب 2014م، وترتَّبت على هذه الحروب آثارٌ مُدمِّرة للوحدة الوطنية ولمشروع بناء دولة القانون والمواطنة ولقدرات الدولة في مقابل إتاحة حرية النشاط للتنظيمات الإرهابية. كما دمَّرَت التوازن بين هيئات الدولة والعملية الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأضعفت الهُوية الوطنية.
المؤلف