إنّ البحث في أدب الرواية المغاربيّة يستدعي بالضرورة طرح مسألة المثاقفة في نطاقها الطارف. وهي تمثّل لا محالة النهر الذي تجري في خضمّه روافد الإبداع وتسترسل إمدادته الخلاّقة. كما تعدّ المثاقفة المحفّز الخلاّق والموتّر الإيجابي للعبورية الإبداعيّة والإثراء من تشكّلات فعل شعوب المنطقة المغاربيّة الإبداعي، فإن كنّا لا نجحد حقّ اللّغة الفرنسيّة وثقافتها وفضلهما على الروايات المغاربيّة ذات اللّسان الفرنسي فضلا عن تأثيرات الأدب الغربي بمختلف مناهجه الأدبيّة ومدارسه النّقدية وتيّاراته الفكريّة والفلسفيّة والعلميّة فإنّ سياق المثاقفة ذاته يطرح أيضا مسألة هويّة هذا الأدب ومدى تعلّقه وتعالقه الوثيق بأصوله، لأنّ موضوع الخصوصيّة بقدر إحالته على التفرّد والتميّز فإنّه يحيل كذلك على الأصالة. وهذا ما يدعونا إلى تخطيئ كلّ الأصوات التي تحصر أدب الرواية في وجهه الفرنسي اللّسان وتنكر وجود الرواية المغاربيّة المكتوبة بالعربيّة وتعدّ هذا الأدب مجرّد ظلال لنظائره من أجناس الأدب الغربي بحكم عامل المثاقفة. وهو حكم لا يخلو من تجنّ ومن افتئات، ولكنّ صاحب النظر الثاقب لا يظلّ طريق الحقيقة ألا وهي أنّنا نقرّ بوجود أدب مغربيّ فرنسيّ اللّسان قصّة وشعرا ورواية، ولكنّنا نثبت في المقابل وجود أدب مغاربيّ عربيّ اللّسان يخطو في مسارب الإبداع ودوائر التخييل خطوات ثابتة وإن كانت وئيدة مع تفاوت من بلد إلى آخر يحمل طابع التفرّد والخصوصيّة الهوويّة التي تؤهّله إلى أن يشكّل إضافة للأدبين العربي والعالمي على رصيد السّوابق الإبداعيّة أو المدوّنة المنجزة في غمار الخلق والإبداع.
Descriptor(s):
LITERARY CRITICISM | LITERARY ANALYSIS | ARABIC NOVELS | FICTION | LITERARY FORMS | LITERARY WORKS | ARAB PLAYWRIGHTS | ARAB MAGHREB