تعودت في صباحات الإجازة الأسبوعية أن أترك نفسي مع سيارتي نجوب طرقات مدينة الرياض بدون وجهة معينة، مستغلاً خلو الشوارع من المارة وزحام السيارات، ولأتمتع بتنفس الأكسجين النقي ولأعيش دقائق من التأمل والتفكير في أحداث الأسبوع الماضي والتخطيط فيما لدي من الأعمال في الأسبوع المقبل. جولتي الصباحية أثارت كثيراً من علامات الاستفهام لدى زوجتي الغالية أم أحمد أو بيسو كما يحلو لي تسميتها، وكانت تستفسر عن سر حرصي على هذه الجولة الصباحية إلى أن دعوتها لمرافقتي في إحدى هذه الجولات.
وفي إحدى الصباحات الجميلة وبرفقة محبوبتي بيسو في جولتي المعتادة الغير محددة الاتجاه لفت نظرها حالة السعادة والفرح التي تعتلي وجوه عمال النظافة وصيانة الطرق وهم يجتمعون لتناول وجبة إفطارٍ بسيطة، عندها التفتُ لأم أحمد قائلاً: لكم تمنيت أن نحظى بنصف سعادة هؤلاء العمال البسطاء ممن يفرحون بأقل القليل بل ويجدون وقتاً لتبادل الضحكات والفرحة تعلو محياهم، ودائماً يقابلونك وهم مبتسمون رغم أنّ من في مثل حالتهم حياته عبارة عن جملة من المنغصات. وعلى قدر سعادتي بحجم الفرحة التي أراها تعلوا محياهم على قدر حالة الاستغراب من حالة التجهم والغضب التي لا تفارقنا رغم توفر العيش الرغيد ووسائل الراحة والترفيه والحمد لله!
كانت تلك بداية تغير في كثير من مفاهيمي الشخصية حول معنى السعادة في الحياة، وبدأت رحلة الفهم الداخلي لنفسي وطريقة تفكيري حتى أجدني الآن أعيش حالة من الراحة النفسية والتصالح مع كل ما يحدث حولي من مصاعب أو أحداث جعلتني أفرح كثيراً عندما أجد أزمة تتشكل أمامي، بل وتشكل لدي أيمان بأنه مع اشتداد الأزمات تولد الفرص دوماً وأن هناك طريق للسعادة يبدأ بالإيمان بالله ثم تحقيق العديد من الأسباب التي توصلك في آخر الطريق إلى السعادة في هذه الحياة.
وكما يقول الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت: "لكي تحتفظ بالسعادة عليك أن تتقاسمها مع الآخرين، فالابتسامة التي تسكبها من وجهك ستعود لك، ستذهب بعيداً لكنها حتما ستعود". وأيضا ما ذكره ديكارت بأنه "ليس ثمَّ سعادة أو شقاء في المطلق، إنما تفكيرنا هو الذي يشعرنا بأحدهما"، وجدت لزاماً علي أن أتشارك معكم بعض التقنيات والأساليب والطرق التي بإذن الله تجتمع لتكون سبباً لتحقيق السعادة.
فما أصبت فيه فهو من الله وما أخطأت فيه فهو من نفسي ومن الشيطان. مقدماً شكري الجزيل لكل من وقف معي بالتوجيه والنصح والتشجيع، وبالأخص عائلتي ممكن أتعبتهم معي أثناء رحلتي في تأليف كتابي طريق السعادة.