إن وجود جماعات ضغط مهما كان تأثيرها وتوغلها في مؤسسات صنع القرار الأمريكي لا يبرر للولايات المتحدة وللعالم الغربي التناقض مع قيم الحداثة والسير في اتجاه دعم ومساندة قوى التخلف والطائفية. والحال كذلك ينطبق على التعاطف الغربي غير المبرر حضاريًا وثقافيًا مع الجماعات الإسلاموية. وبالطبع إن النظام الإيراني يرتكز في بنيانه ونظرياته على الاستعارة من جماعات دينية سبقته في التشدد والتنظير لطموح التمكين، وبالتالي تزداد مساحة التساؤلات بقدر المعلومات التي يقدِّمها الكتاب الذي بين أيدينا عن حجم وطبيعة اللوبي الإيراني في أمريكا.
ونظرًا لفرادة هذا الكتاب وتدشينه مدخلًا جديدًا لمقاربة أحد أذرع النظام الإيراني، المتمثلة في جماعات الضغط التي تتحرك لخدمته خارج حدوده، فقد قدم الباحث إطارًا مفاهيميًا لتعريف جماعات المصالح والضغط، بالإضافة إلى تأصيل المفاهيم المجاورة لجماعات الضغط والمرتبطة بها، مثل صناعة القرار السياسي ومراكز التأثير ومسميات الكيانات المنظمة للأميركيين الإيرانيين. كما تناول جماعات الضغط ومؤسسات صنع السياسة في أمريكا، وأثر تلك الجماعات على صُنع القرار الأمريكي. وفي موضوع الأميركيين الإيرانيين، تناول الكتاب نشأة وديمغرافيا هذه الشريحة وتأثيرها في الحياة الأميركية، وصولًا إلى صعود جماعات الضغط المنظمة التي تعبر عنها. وتناول أيضًا جماعات الضغط الإيرانية بين مواطن التمركز وحدود التأثير. واستشهد الباحث بمجموعة قضايا ركزت عليها جماعات الضغط، واستنتج نجاحًا ملحوظًا للوبي الإيراني في الحد من توجيه ضربة عسكرية لطهران، إلى جانب خلق أصوات معارضة لفكرة العقوبات الاقتصادية وعدم جدواها.