بدأت فكرة إرسال حملة صليبية الى الشرق تظهر فى نوفمبر سنة 596هـ / 1199 وعقد إجتماعات عدة بين القادة الصليبيين وكان البابا أنوسنت الثالث [1198-1216] هو الذى حمل عل عاتقه الإعداد لهذه الحملة .
والأسباب التى دعت إلى هذه الحملة أهمها الرغبة القوية فى محو العار الذى لحق بالصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبى فى الحرب الصليبية الثالثة فاحترقت أوربا غيظاً على المسلمين مما أصابها فى الحرب الصليبية الثالثة من مأساة الهزيمة وقتل الصناديد وأسر الآلاف فكانت تجيش فيها نزعات الإنتقام والأخذ بالثأر ولذلك قرر البابا أنوسنت الثالث إقامة حرب شاملة ضد الإسلام والمسلمين تشفى غيظهم وتروى غلة حقدهم .
إتفق قادة الحملة بأن تكون وجهتها مصر فظل الصليبيون يلتمسون وسيلة لنقلهم بحراً إلى شواطىء مصر فوجدوا ضالتهم عند البندقية ومنها الإبحار إلى مصر ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يقى مصر أرض الكنانة من شرور هذه الحملة ...(( ..... وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل انهم كانوا فى شك مريب )) (1)
واتجهت الحملة الى زارا ثم الى القسطنطينية العاصمة البيزنطية التى سقطت فى أيدى الصليبيين واللاتين يوم الاثنين الموافق 12 أبريل سنة 1204م فدمروها وحرقوا وسلبوا ونهبوا الكثير مما تحتويه هذه المدينة ونسوا البنادقة أنهم دخلوا بلداً نصرانية تدين بدينها وتعتقد بعقيدتها .
ومن أهم نتائج الحملة الصليبية الرابعة على القسطنطينية هروب أعداد كبيرة من الجند ورجال الدين والنبلاء من القسطنطينية واستطاعوا تأسيس ثلاث إمارات بيزنطية فى المنفى - أبيروس وطرابيزون والثالثة وهى أهمهم على الإطلاق وهى مملكة نيقية البيزنطية التى اسسها ثيودور لاسكاريس التى قدر لها استرداد العاصمة البيزنطية القسطنطينية بعد كفاح حكامها أكثر من 57 عاماً حيث حصل البيزنطيون على عاصمتهم واستردادها فى عام 1261
والجدير بالذكر أنه يشهد لهذه المدينة - نيقية - من شهرة وجمال الرحالة العرب الذين زاروها ومن بينهم الهروى الذى تحدث عنها فى كتابه الاشارات إلى معرفة الزيارات .
وظلت نيقية تلعب دوراً هاماً فى المنطقة سواء مع الإمارات البيزنطية أو مع جيرانها من مختلف القوى من تركمان وسلاجقة الروم والبلغار والمغول بعقد التحالفات السياسية تارة والدخول فى الصراع العسكرى تارة والهدنة تارة وكان كل هذا من أجل هدف واحد فقط هو استرداد القسطنطينية وتقويض الحكم اللاتينى فيها