الشفاعة هي السؤال في التجاوز عن الخطايا والذنوب والجرائم أو تخفيف عقوباتها ومنها: الشفاعة العظمى، وتتعلق بأمور الآخرة، ويشفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، والملائكة، والشهداء، والمؤمنون، والعالم منهم والعابد، لأهل الكبائر يوم الحشر([1])، وقد وردت أحاديث كثيرة عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم منها قوله صلى الله عليه وسلم: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"([2])، وتتواتر أحاديث بصياغات مختلفة عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للمذنبيين ولأهل الكبائر([3])، غير أن هناك أيضًا الشفاعات الدنيوية، وتتعلق بأمور الدنيا وهي نوعان: حسنة وسيئة، الشفاعة الحسنة هي التي يراعى بها حق المسلم، فيدفع بها شر عن غيره أو يجلب لغيره الخير، وأما الشفاعة السيئة فهي إساءة القول في الناس لينالوا بها الشر، وتكون في معصية الله ابتغاء جاهٍ أو مكانة أو غيره، ولكنها ليست مشروعة، وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: " عبادي الخير بيدي والشر بيدي، فطوبى لمن قدرت على يده الخير، وويل لمن قدرت على يده الشر "([4]).
تناولت في هذه الدراسة الشفاعات الدنيوية في الأندلس في عصر المرابطين من عام 483هـ/1090م منذ خلع ملوك الطوائف بالأندلس حتى عام 520هـ/1126م، وقد توقفت عند ذلك التاريخ، فقد توفي في ذلك العام ابن رشد، وكنت قد اعتمدت عليه في كتابة بعض الشفاعات خاصة الشفاعات والوساطات الاجتماعية، كما شهدت الأحداث ما بعد ذلك التاريخ، تعرض دولة المرابطين لهزائم متلاحقة ومتتالية في الأندلس على أيدي النصارى الأسبان، وقيام الثورات، واضطراب الدولة، حتى سقوطها بالأندلس في عام 537هـ/1143م.
([1])أبو داود، سنن أبي داود، طبعة محمد محي عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت، بدون تاريخ، ج3، رقم 2522، ص15؛ إبراهيم عبد المنعم سلامة أبو العلا، الشفاعات الدنيوية في الأندلس (منذ الفتح الإسلامي حتى نهاية عصر الدولة العامرية)، دار المعرفة، الإسكندرية، 2013م، ص31.
([2])الترمذي، الجامع الصحيح، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ، رقم2435، ص625؛ عصام الدين الصبابطي، جامع الأحاديث القدسية، دار القلم للتراث، القاهرة، بدون تاريخ، (كتاب الشفاعة)، ج3، ص309-360.
([3])مصطفى محمود، الشفاعة محاولة لفهم القديم بين المؤيدين والمعارضين، مؤسسة أخبار اليوم، القاهرة، 1999م، ص11.
([4])الغزالي، إحياء علوم الدين، تحقيق بدوي طبانة، مكتبة ومطبعة كرباطة، إندونيسيا، بدون تاريخ، ج4، ص511.