هذا الكتاب بمثابة شهادة أدبية أدلى بها شاعر من جيل الثمانينات الشعري في العراق، وهي شهادة أرادها شخصية بدأ فيها من طفولته ومفارقاتها ومشاكساتها، ثم مراحل حياته وتنقلاته بين مُدن العراق، وصولًا إلى الجيل الذي شهد وساهم في تغيير مسارات مهمة في الثقافة العراقية من خلال إصرار شعرائه على مواقفهم الفكرية والفنية التي عبَّروا من خلالها عن احتجاجهم ومعاناتهم ليحصدوا نتائجها نصوصًا ورُؤىً.
وقد أشار "منذر عبد الحر" في كتابه (بئر يوسف) إلى رصده الشخصي ومعاينته للأحداث التي عاشها وتفاعل معها، إضافة إلى معاناته التي وظَّفها في نصوصه الشعرية والنثرية.
إن جيل الثمانينات الشعري في العراق، بتوجهاته الفنية والفكرية المختلفة، عاش الحرب بكامل ضراوتها، وتوزَّع أبناؤه إثرها في ثنايا الوطن، منهم من أخذته الحرب، ومنهم من نجح في الهروب منها، ومنهم من وجد ملجأً ما مثل التأخر المبالغ فيه في سنوات الدراسة، ومنهم من حصل على وساطة ليعمل في إحدى الصحف، حتى جاءت سنوات الحصار التي تركت آثارها الجسيمة على أبناء هذا الجيل فغادر العديد منهم البلاد سعيًا لفُرصٍ بديلة وحياة أكثر حُريةً وأملًا. وقد سعى المؤلف لإحصاء معظم الأسماء التي ساهمت في تشكيل هذا الجيل، على الرغم من تفاوت المستويات بين شعرائه.
هذا الكتاب بلُغته السلسة وأسلوبه السردي البسيط، وصِدق مؤلفه الأديب منذر عبد الحر، الذي عاش في خِضم الأحداث المهمة التي عاشها جيل الثمانينات، هو كتاب يُعَدُّ مفتاحًا لرؤى ستأتي من بعده، لتُضيف أو تُصحِّح أو توضِّح، من أجل أن تكتمل الصورة.