登入選單
返回Google圖書搜尋
註釋

لا ريب أن الحياة الزوجية ترتقي في سلم السعادة بالمودة والرحمة التي أشار إليها ربنا بقوله سبحانه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة» .

وإن الغيرة عندما تكون ظاهرة صحية، وتعبر عن مشاعر متوهجة، فتزيد من نسمات الود، وتدفق شلاله، فتستطيع الزوجة أن تحنو على بلابلها، لتشدو في ربوعها، وتجعل حياتها جنة: مودة ورحمة، فتفوز من زوجها ببسماته الحانية، لينشر على ربوعها عطره الفواح، ويشيع في ظلالها نغماته المتلألئة، فتحيا في بهجة غامرة وسعادة متألقة. أما إذا طغت الغيرة، وزادت عن حدها ومقدارها فإنها تتحول إلى نقمة، وتصبح معول هدم لبيتها وحياتها الزوجية.

إن الغيرة المعبرة عن الحب والشوق والاهتمام والحرص، دون أن تتسلط عليه، وتتحكم فيه، فهي غيرة محمودة، طالما لم تتعدَّ حدودها، فتنقلب كابوسًا على أنفاس زوجها، تعد عليه حركاته، وتطارده في مكالماته، وتفتش وراء كل لفتة، وتطير خلف كل نظرة، فتتحول هذه الغيرة إلى رصاصة قاتلة، توشك أن تدمر حياتها، هذه الغيرة التي تُعلن للدنيا ملكيتها لزوجها، فتدير دولاب حياته، وتتحكم في كلماته، وتحصي نظراته، وتراقب تصرفاته، تكون مفتاحًا للطلاق.

وإن الغيرة سلاح ذو حدين: إما أن يكون هذا السلاح وردة يانعة رقيقة، تعلن بها الزوجة عن جمال حبها، وبراءة لهفتها، ورقة أشواقها، وعذوبة عشقها لزوجها، وإما أن يكون هذا السلاح شفرة تقتل بها نفسها، حين تسيء استخدامها، وتحول حياتها إلى أشواك من الظنون والأوهام والتهم الباطلة.

إن الغيرة تصبح عنصرًا مهمًّا من عناصر تزكية الممارسات الزوجية إذا استطاعت الزوجة إظهار القدر المناسب منها. فتشعر زوجها بحبها وغيرتها عليه من النسمة العابرة، والبسمة الطارئة، وفي الوقت نفسه لا تجعل الغيرة عقبة كؤودًا أمام جمال الحياة وبهجة الزوج وسعادته داخل بيته وخارجه.

وفي هذا الكتاب إضاءات للزوجين، من خلال ممارسات واقعية حدثت في بيت النبوة، عسى الله أن يجعل فيها حلًّا لمشكلة ألمت، وتفريجًا لهمٍّ أوشك أن يضرب بأطنابه.