يطل هذا الرجل في شرفة ذلك القصر الكبير الذي تحيط به الكلاب من كل مكان والتي لا يضع لها أي طعام أو شراب مع كثرة ما يأخذه هذا الرجل من الناس عنوة كل يوم من مال وثروات وكنوز تنوء من حملها الجبال ، وأصوات الحراس الذين يقفون من حوله في كل مكان هنا وهناك فهي شبيهة بأصوات الأفاعي ، ولا يعرفون الرحمة ولا الإنسانية فقد نزعوا قلوبهم ووضعوا مكانها قلوب الشياطين ، فنظر هذا الرجل الملقب "بحمدان الذئب" على الناس المارة من أمام قصره الكبير ثم قال في نفسه:
لو أني يوماً من الأيام ملكت هؤلاء الناس لفعلت بهم ما أجعلهم تحت قدمي هذه فكم كانوا معي في صغري أشد بأساً وظلماً لي، فقد كان الصبية الصغار يضربونني ويفعلون بي كل شيء دون رحمة فقد كنت من أجبن وأضعف الناس حين كنت في صغري وكان الأطفال يسخرون مني ويستهزئون بي لقصر قامتي ولأني كنت أتلعثم في الكلام وقد كنت لا أقدر أن أدافع عن نفسي فكم ُضربت من كل الصبية الذين كانوا في نفس عمري وفي هذا الشارع الذي كنت أقطن فيه فقد عانيت من ظلمهم لي وقسوتهم علي ، وسوف أنتقم من كل هؤلاء الناس يوماً من الأيام حتي بعدما أصبحت من هؤلاء الذين يملكون زمام الأمور،