هذا الكتاب هو عملية ابحار في موضوع من أهم وابرز موضوعات القرن الحادي والعشرين وهو التنافس الصيني الامريكي، حيث شهدت الصين مؤخراً نموًا مطردًا في قوتها الوطنية الشاملة والذي أنعكس بطبيعة الحال على نفوذها الإقليمي والدولي ، فقد اصبحت ثاني اكبراقتصاد بالعالم فضلاً عن سعيها لأن تكون دولة متقدمة متوسطة المستوى بحلول عام 2035 وأن تصبح قوى عظمى عام 2050 وهذا كما أتضح في استراتيجيها الوطنية التي يتبنها الحزب الشيوعي الحاكم، كل ذلك جعل صعود الصين واندماجها في المجتمع الدولي اهم سمات فترة ما بعد الحرب الباردة.
هذا الصعود الصيني المتسارع فرض على واشنطن ضرورة مراجعة سياساتها تجاه بكين والتأكد ان صعودها قد وصل لنقطة تحول وعلي إثر ذلك بدأت واشنطن في 2017 في التحول من سياسة الشراكة الاستراتيجية التي سادات نهاية الحرب الباردة إلى سياسة التنافس الاستراتيجي ويقف وراء تبني الولايات المتحدة خيار التنافس الاستراتيجية رغبة مبدئية في اقناع الصين بعدم السعي نحو تهديد هيمنتها على النظام العالمي.
ولا شك ان ينعكس هذا التنافس الاستراتيجي بين اهم قوتين عالميتين في القرن الواحد والعشرون على اقليمنا العربي والذي يمثل دون شك رقعة جيواستراتيجية شديدة الاهمية لكلا الدولتين، حيث اضحى التوازن الاقتصادي والجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين في هذا الاقليم حقيقة تترسخ مع الوقت وبدأت مؤشرات التنافس الاستراتيجي تظهر بالفعل خلال العقد الاخير.
فهذا الكتاب يسعى في محاولة توضيح عوامل ودوافع هذا التنافس الامريكي الصيني وماهي هي مجالاته الأبرز ومن ثمة يوضح إنعكاس هذا التنافس الاستراتيجي على منطقة بالغة الاهمية وهي المنطقة العربية وكيف سيكون مستقبل التنافس على هذه المنطقة.
