صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الحديثية المتخيَّلة: انقطاع بين أبي حنيفة وأبي حنيفة المتخيَّل، لمؤلفه عدنان فلّاحي. يحتوي الكتاب على مدخل وأربعة فصول وخاتمة وملحق. ويقع في 264 صفحة، شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.
يحاول هذا الكتاب، من خلال قراءة متأنية لوثائق تصب في مصلحة النظرية التمامية، إظهار الفرق والتمييز والانقطاع بين "أبوَي حنيفة": أبي حنيفة عند القدماء وأبي حنيفة "متخيَّل" في صورة تطورت خلال الزمن وتُقدَّم اليوم كما تخيلتها مجموعة من المؤرخين والفقهاء والمتكلمين والمحدثين، وكأنها الصورة "الوحيدة" الموافقة للواقع.
وقد اقتُبس اسم المفعول "متخيَّل" في عنوان الكتاب من عنوان كتاب السلف المتخيَّل لرائد السمهوري، الذي اقتبس الكلمةَ من أحد أعمال عزمي بشارة باسم الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيَّلة.
أما مصطلح "الحديثية"، فيشير إلى نهج محدّثين وفقهاء من القرن الثالث فصاعدًا، ميزوا أنفسهم بلقب "أهل الحديث"، على الرغم من أن استنباط الأحكام الفقهية من الحديث النبوي لم يكن خاصًّا بهم، بل استخدمته طوائف المسلمين كلها، باستثناء قلة ذكرها الشافعي في كتاب جماع العلم، فها هي كتب الجرح والتعديل زاخرة بأسماء الرواة الخوارج والقدرية والمرجئة وأهل الرأي، ومنهم من وثّقه البخاري، مع أن تصحيح الأحاديث وتطبيقها في مناهج استنباط الأحكام كانت في ميدان آخر؛ إذ أدت الاختلافات في تصحيحها إلى أن يكون عدد المقبول منها متفاوتًا بين جماعة وأخرى، إلى أن حلّ زمن المتوكل العباسي، وفيه استطاعت جماعات متأثرة بمنهج الإمام أحمد ترسيخ نفسها ممثلة وحيدة لأهل الحديث وتهميش الفرق الأخرى