يعرِّف هذا الكتاب بحقل النظم السياسية المقارنة ضمن حقول التخصُّص في العلوم السياسية، وهو يهتم بتصنيف وتحليل النظم السياسية ونظم الحكم؛ عبر منهجية مقارنة. ويدور السؤال الأساسي لهذا الحقل حول: أي من النظم السياسية تتوفر له مقومات الفعالية والقيمية معًا؛ أي القدرة على تحقيق الغايات التي تأسَّس من أجلها، مع الاحتفاظ بأخلاقية إنسانية أساسية؟ وهو ما يستدعي جملة من القضايا والمفاهيم؛ على رأسها: هل السلطة محدودة بحدود أم مطلقة بغير قيود؟ ما الذي تستند إليه شرعية السلطة من معايير وضوابط حاكمة للسلوك؟ وما مدى ما تتَّسم به تلك المعايير من ثبات أو تغير؟
وتعد دراسة العلاقة بين الدولة والمجتمع هي الموضوع الأساسي في هذا الحقل؛ حيث تكشف هذه العلاقة -بخرائطها المتنوعة- عن جوهر "العملية السياسية"؛ وما تشمله من فاعلين وأدوات، ورؤى وأفكار، ومصالح وأولويات، وثوابت ومتغيرات، تتلاقى وتتناقض، وما ينجم عنها من مخرجات ومآلات.
يتشكَّل هذا الكتاب عبر المقارنة بين معطيات المنظور الغربي السائد في العلوم السياسية بعامة، وفي حقل النظم بخاصة، والآخذ في مراجعات ممتدَّة، وبين معطيات منظور حضاري إسلامي متجدِّد يسْهم في التنظير للدولة والنظام السياسي وعلاقتهما بالمجتمع، وذلك ضمن محاولات تجديد العلوم السياسية عبر العالم وحضاراته الحيَّة.
