يمثل هذا الكتاب نموذجا جاداً للقراءة المعرفية لآثار شيخ الإسلام بن تيمية وعرضا تحليلياً للمنهج المعرفي المتكامل الذي التزمه ابن تيمية في أبحاثه ودروسه ومناقشاته مع مختلف الفرق والملل السابقة لزمنه والمعاصرة له، كما أنه يمثل بياناً لمصادره المعرفية التي استقى منها، ولموازنته التي احتكم إليها في نقد تراث السبقين وتمييز طيبه من خبيثة، بما يساعد على الفهم الدقيق لتراث الشيخ، ويمنح الباحثين القدرة على استيعابه وحسن تمثل قضاياه.
وقد تناول الكاتب عصر ابن تيمية علمياً واجتماعياً وسياسياً، وبين مظاهر الأزمات الفكرية والثقافية التي بلغت أوجاً في ذلك العصر، وتناول حياة شيخ الإسلام الفكرية والإصلاحية، ثم أفراد لمنهجه في البحث أبواباً ثلاثة؛ أبرز فيها طريقة في الاحتجاج باللغة وشروطه، وطريقه في الاحتجاج بالنقل عن الأصول والاستنباط منها، وطريقة في الاحتكام إلى العقل وحدود الاستدلال به، فأوضح لنا تكامل المنهج المعرفي لدى شيخ الإسلام ابن تيمية، أحد رموز الحضارة الإسلامية البارزين، وأحد الرواد الذين امتد تأثيرهم إلى يومنا هذا، بما خلفه من أعمال موسوعية شاملة، استفادت منها سائر حركات الإصلاح التي جاءت بعده.