في كتابه الجديد (33 يوم في السجن.. مذكرات بريء في سجن طرة) يسرد مؤلف الكتاب محمد مختار، تجربته التي قضى فيها 33 يومًا في عنبر تنظيم التائبين بتنظيم الجهاد سجن استقبال طرة بالقاهرة، على الرغم من أن اعتقال المؤلف كان على خلفية التحقيق مع مدير مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم، المعروف بعلمانيته الشديدة وبأنه خصم تقليدي لجميع فصائل التيار الإسلامي بما فيها تنظيم الجهاد.
وبعد سرد المؤلف الظروف السياسية والاجتماعية وحتى ملامح المشهد الثقافي والفني في هذه الفترة تحت حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك؛ ليبين الظروف التي صاحبت تفجير قضية مركز ابن خلدون والقبض على مدير المركز الدكتور سعد الدين إبراهيم في القضية المشهورة، يسرد المؤلف ملامح من الظروف التي صاحبت وجوده في السجن ومنها إيداعه في زنزانة السجن الانفرادي، حيث يقول المؤلف: “مرت الدقائق الأولى في الزنزانة الانفرادية بصعوبة حتى تملكني الرعب من أنني فعلًا تم دفني وأنا حي، تذكرت فيلمًا أمريكيًا لحياة سجين يقضي 36 عامًا مسجونًا في حفرة ولا يسمح له بالتريض إلا ساعة كل عام فزاد خوفي حتى تملكني الرعب، أعدت قراءة المكتوب على الحائط من السجناء الذين سبقوني فشعرت ببعض الطمأنينة؛ لأن هناك من خرج من هذه الزنزانة، وإني سوف أخرج منها أيضًا حتى ولو إلى الموت، ومن رحمة ربي بي في هذه الليلة أنه غلبني النوم أو فقدت الوعي، وإلا كنت قد فقدت عقلي في هذه الليلة”.
ويمضي المؤلف ليسرد في كتابه أيضًا ما يصفه بـ”الكوميديا السوداء” التي صاحبت تفجير القضية التي وجد المؤلف نفسه المتهم العاشر فيها وسط عشرات من المتهمين الآخرين، قائلًا: “وفي ليلة القبض على الدكتور سعد الدين إبراهيم كانت الكوميديا السوداء، فالضابط الكبير في مباحث أمن الدولة لم يكتفِ بالحصول على أمر من النيابة بتفتيش فيلا الدكتور سعد الدين إبراهيم والقبض عليه، بل اصطحب الضابط الكبير رئيس نيابة أمن الدولة بشخصه ولحمه شحمه لتنفيذ أمر التفتيش والقبض، وعندما فتحت الخادمة باب الفيلا كاد رئيس نيابة أمن الدولة أن يبكي من هول الصدمة عندما شاهد في صدر صالة الفيلا صورة كبيرة جدًا تقترب من الحجم النصفي الطبيعي في إطار مذهب فاخر جدًا جدًا للبابا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، فظن رئيس النيابة أن الدكتور سعد الدين إبراهيم مسيحي قبطي وأن هناك خطأ في الإجراءات يبطل عملية التفتيش والقبض بالكامل؛ لأن اسمه المدون في أمر التفتيش والاعتقال هو (سعد الدين محمد إبراهيم…)”.
ويضيف “مختار”: “وجّهت النيابة للدكتور سعد الدين إبراهيم عدة تهم أبرزها التجسس لحساب الولايات المتحدة الأمريكية والإضرار بسمعة مصر في الخارج، وفي نفس اليوم الذي وجهت فيه تهمة التجسس للدكتور سعد الدين إبراهيم قدم السفير الأمريكي في القاهرة احتجاجًا عاصفًا لرئيس الوزراء المصري ولم يهدأ السفير إلا بعد الإطاحة برئيس نيابة أمن الدولة العليا عقابًا له على توجيه هذه التهمة ففقد مقعد رئيس نيابة أمن الدولة النيابة المهابة؛ ليعود إلى منصة القضاء في محكمة منسية في طنطا!” (محافظة تبعد 92 كم شمال القاهرة).
لكن المؤلف يبني القصة الأساسية لكتابه على ما اعتبره أنه حظه السعيد بأن وجد نفسه وجهًا لوجه مع السائق الخاص لأسامة بن لادن، وفي هذا الوقت كانت الولايات المتحدة ترسل قواتها الخاصة وفرق الكوماندوز لقتل أو اعتقال أي شخص له صلة من قريب أو بعيد بأسامة بن لأدن زعيم تنظيم القاعدة، وهو ما فجر عاصفةً من التساؤلات حول الظروف التي صاحبت وجود سائق أسامة بن لادن في سجن مصري بالرغم من أن نظام مبارك في ذلك الوقت كان متورطًا حتى رأسه في تعاون أمني”.
فهل كان وجود سائق أسامة بن دلان في السجن خطة لإخفائه عن فرق المطاردة المخابراتية الأمريكية لرجال بن لادن؟ وماذا قدم سائق أسامة بن لادن لأجهزة الأمن المصرية حتى يتجنب تسليمه للولايات المتحدة مثلما سلمت أجهزة أمن مبارك عشرات غيره لواشنطن؟ وماذا قال سائق أسامة بن لادن لمحمد مختار داخل سجن طرة عن تنظيم القاعدة وعن أسامة بن لادن نفسه؟.. هذا ما يجيب عنه الكتاب.