على مدى ربع قرن ومن خلال تسعة عناوين تعددت طبعاتها، وبدءاً بتوفيق الحكيم ومروراً بنجيب محفوظ وانتهاءاً بعبدالرحمن منيف وحنا مينه، تخصص جورج طرابيشي في نقد الرواية وكان له السبق في الثقافة العربية إلى توظيف المنهج التحليلي النفسي في فهم الفن الأكثر تعبيراً عن غياهب النفس البشرية الذي هو الفن الروائي، بدون أن يكون أسيراً لحرفية ذلك المنهج. فليس النقد تطبيقاً لمنهج بعينه على النص الروائي، بل النص الروائي هو مايفرض على الناقد المنهج الذي يتعين عليه أن يتعامل به معه.
والتحليل النفسي يخضع لهذه القاعدة، فهو ليس برسم التطبيق الجاهز، بل هو بالأحرى برسم إعادة الاختراع وإعادة التآويل بدالة النص الروائي.
ومع أن النقد هو بالتعريف كلام ثانٍ على كلام أول حسب تعبير أبي حيان التوحيدي، فإن النقد الروائي، مهما التزم بالمنهجية، لا يستمد مصداقيته إلا بقدر مايكون بدوره إبداعياً، لا تطبيقاً خالصاً.
حصاد ربع قرن من موسم الهجرة هذا إلى نقد الرواية تقدمه دار مدارك في ثلاثة أجزاء.