تتعاظم تفاصيل الصورة عندما نقترب منها أكثر فأكثر، بينما تتضاءل إذا ابتعدنا، بل ربما تختلط علينا تلك التفاصيل فلا نفرق بين رابطة العنق وحبل المشنقة فكلاهما يلتف حول الرقبة ولكن اختلفت اليدين واختلف الغرض. لن ندرك الفرق بينهما إلا إذا ابتعدنا قليلا لنرى الحقيقة. حدود إدراكك للصورة هي حدود عينيك فكلما ابتعدت زاد مجال الرؤية. تجذبك المشكلة وتتعمق فيها لتعيشها بكل جوارحك ولو تركت عقلك خارج إطارها لأدركت الحل سريعا، لذا فلن تتمكن من التفكير خارج الصندوق إلا إذا خرجت خارج إطار الصورة لتراها مكتملة.

تتعاقب أمواج الحياة لتجذبنا إلى الأعماق ولكننا نحاول التماسك، وتغوص أقدامنا في رمالها لنجد أنفسنا غارقين حتى النخاع في صورة رُسمت لنا ولا ندري أننا داخلها إلا حينما نقرر أن نخرج منها لنرسم أخرى تُرضي شغفنا وتملأ نفوسنا بهجة بالحياة. هل ننتظر من يخرجنا من الصورة أم نخرج من الصورة برغبتنا؟