登入選單
返回Google圖書搜尋
註釋

يعبّر مفهوم الجيل الرابع من الحروب عن الصراع الذي يتميّز بعدم المركزية من حيث تغيّر أسس الحرب وعناصرها، ما يعني تجاوز المفهوم العسكري الضيّق للحروب إلى المفهوم الواسع، حيث تُستخدم في هذه الحروب أيضاً "القوى الناعمة" إلى جانب "قوى السلاح"، فهناك وسائل الإعلام والقنوات التي تخدم التنظيمات والميليشيات، أو الدولة التي تواجه الميليشيات، وتعمل هذه الوسائل على إنهاك الخصم وتدميره بشكل منهجي، وتشتيت الرأي العام؛ حتى يتمكّن الطرف التابع للوسيلة الإعلامية من تحقيق أهدافه وتحطيم الخصم تماماً.

هذه الحروب لا تستهدف تحطيم القدرات العسكرية فحسب، وإنما تعمل على نشر الفتن والقلاقل وزعزعة الاستقرار وإثارة الاقتتال الداخلي أيضاً. وفي تعريف أوضح يمكن القول إنه جيل تسخير إرادات الآخرين في تنفيذ مخططات العدو.

إن الحاجة إلى دراسة مفهوم الجيل الرابع من الحروب تتعاظم بشكل كبير، وخاصة مع تغيّر طبيعة الصراعات الدولية والإقليمية، واحتدام التنافس الدولي والرغبة في الهيمنة على العالم، وتضخم شبكة العلاقات الدولية مع ظهور فاعلين جدد يتجاوز تأثيرهم الحدود الوطنية التقليدية، مستغلين تقدّم وسائل الاتصال الحديثة والتكنولوجيا الدقيقة.

وانطلاقاً من أهمية استخدام مفهوم الجيل الرابع من الحروب، تأتي الأوراق البحثية التي يضمّها هذا الكتاب، والتي ألقيت في مؤتمر عقده مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في مايو 2016، في الغرض نفسه، لتتناول بالتحليل والدراسة هذا المفهوم، بالتوازي مع ما تشهده الساحتان الدولية والإقليمية من اضطرابات واسعة النطاق أفرزت حالة من عدم الاستقرار في مجموعة من الدول العربية؛ إذ يستكشف الباحثون عبر فصول الكتاب الوجه المتغير للحرب، ويقلّبون النظر في نظرية حروب الجيل الرابع، والأبعاد الاستراتيجية لها.

كما يتناول الكتاب ما يجرى اتّباعه من تكتيكات وتقنيات وإجراءات، في مثل هذا النوع من الحروب. ويتطرّق الكتاب كذلك إلى مسارات الجيل الرابع من الحروب ومستقبلها، ومدى التزامها أخلاقيات الحرب والمعاهدات الدولية.