بين يدي هذا الكتاب أجدُني مُلْزَمًا بإيراد مُقدِّماتٍ لا بُدّ منها؛ فهو عن شاعرٍ يصحُّ وصفُه بمعايير النّقد الحديث بأنّه كلاسيكيّ، يمتحُ من شاعريّة أطَّرَتها نشأتُه وثقافتُه الأولى، وهو في الآن نفسِه طبيبٌ شقَّ في الطِّبّ نَهْجًا مؤثِّرًا في بيئته المحلّيّة، بل في الخليجِ العربيّ كلِّه. وظلّ مُخلِصًا للشِّعر كما للطِّبّ، حتى لكأنَّ تخصُّصَه الدّقيقَ في القلبِ هُو الجامعُ بينهما؛ وهل يكونُ الشّاعرُ بلا قَلْب؟
والكتابُ لا يتناولُ أشعارَ د.حجر البنعلي كُلَّها، إنّما اقتصرَ على قصائده في فِلَسطين، وهي قصائدُ كثيرة، لعلّ فِلَسطين صَحِبتْه في صِباه فانفتَق لسانُه بالشِّعر عنها، وظلّت مُحرِّكًا أساسيًّا وشاغلًا دائبًا له، ولهذا شابَهت الحالُ هُنا حالَ أبي فِراس الحَمْدانيّ في (رُومِيَّاتِه)، تلك الّتي أبدعَها وهو سَجينٌ عندَ أخوالِه الرّوم. من هُنا كان العُنوان (فلسطينيّات الشّاعر الدّكتور حجر البنعلي). وإذا كانت (رُوميّات) أبي فِراسٍ تجسيدًا لحالةٍ مَكانيّة، فإنّ (فِلَسْطِينيّات) د.حجر تُجسِّد حالةً زمَانيّة.
د. خالد الجبر