سوف يتبين للقارئ أن هذا الكتاب يختلف عن الكتاب الأول «الثقافة والغزو الثقافي في دول الخليج العربية» من عدة وجوه، رغم ما قد يبدو بينهما من اقتراب، أما الاقتراب فهو فى معالجة موضوع «الثقافة» ذاته.. أصلا ومعنى وتركيبا، وكذلك موضوع «الغزو الثقافي» بتعريفاته والأفكار التي استنتجناها منه وبنينا حولها عددا من المعاني.
أما أوجه الاختلاف بين الكتابين فتتمثل في عدم التعرض لمنطقة الخليج، لأن هذا الذي بين أيدينا كتاب عن «التربية.. والثقافة.. والغزو الثقافي»، فهو ـ إذن - كتاب عام يهم المسلمين جميعا حيثما كانوا، خاصة في منطقتنا العربية، والكتاب بالتالي لم يتعرض للتحديات التي تواجه الثقافة فى الخليج، كما أنه لم يعرج على ذلك الغزو في الخليج.
الأمر الأهم في هذا الكتاب، حسبما نراه، هو التركيز على قضية «التربية» وعلاقتها بالثقافة والغزو الثقافي، ومن هنا فقد ركزنا على هذا الجانب المتخصص من حيث أهمية التربية في حياة الأفراد والأمم والشعوب، وعلاقة التربية بالثقافة والمجتمع الذي تعمل فيه وله، ثم ركزنا الحديث على المؤسسات التربوية في المجتمع المسلم بطبيعة الحال وبينا أهمية الأدوار التي ينبغي أن تقوم بها ترسيخا لثقافة المجتمع، وتجليه للمعانى الأصيلة في ثقافة ذلك المجتمع، وأخيرا فصلنا أدوار التربية في مواجهة جوانب الغزو الثقافي، وفي التعامل مع كل ما يمثله من مخاطر على أبناء الأمة الإسلامية. والله نسأل أن نكون قد وفقنا فيما هدفنا إليه، إنه نعم المولى ونعم المعين والنصير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
العبيكان للنشر
1996