برزتْ في الساحةِ الأدبيةِ بمرورِ الوقتِ ثقافة رسمية، نحتت معالمها قوی مختلفة، واحتلتْ من البنية مركزها، وفرضت نفسها نموذجا آسرا متسلطا، وطدتْ عليه الذائقة، حتى أصبحتْ لا تستسيغ سواه.
وعلى هامشِ هذه الثقافة الرسمية، واحتجاجاً عليها، قامتْ ثقافة الهامش تنازع في احتشام، وتحتجُ بصوت خافتٍ، لا يكاد يسمع، وتحفرُ مجراها في الآفاقِ، والتخومِ، خائفة على حلمِها في التغيير، ترسمُ خرائطَ عالمها في ظلِّ شمسِ المركز الحارقة، متربصة بكلِّ ثلمة، أو ثغرة، وفجوة، تتسللُ من خلالها لخلخلةِ المركز، وإضعافِ سلطانه، فكثير من الدعوات الهامشية تجاوزت مبطليها، وكثير من المهمشين قضوا على مغييبهم، وعرفوا الإتباع، واكتسبوا الأنصار؛ لأنّ خطاب المركز واحد فرد، وخطاب الهامش كثير متعدد، أولهما جهير لكنه مغلق إلى حد القمع، وثانيهما هامش لكنه مفتوح إلى حد التمرد.