تنبُع أهميّة هذا الدراسة من أنّها تعدّ امتدادًا لسلسلة من الدراسات الأدبية التي اتّخذت من دواوين الشعراء المادة المراد دراستها وتحليلها، وَفْق المناهج الحديثة في عصرنا متّخذةً تلك الدراسات ظاهرة أدبية كالثنائيات الضدية بؤرة مركزية في الدراسة والتحليل واستخلاص النتائج.
إنّ شعر إمام المولَّدين بشار بن برد من الدواوين الشعرية التي ظهرت في العصر العباسي الأوّل، وهو يختلف عن غيره من حيث السمات والخصائص الأسلوبية التي تؤهّله لأنْ يصبح مادةً قابلةً للدراسة والتحليل.
واعتمد الباحث – بعد التّوكل على الله- على دراسة شعر بشار تحت عنوان: "الثّنائيّات الضّدّيّة في شعر بشّار بن برد: قراءة تأويليّة"؛ ليبرز دورها في إنتاج بلاغة النص، والكشف عن جمالياته، فالثنائيات الضدية تسكن الوجود، بل تؤسّسه، فلها بُعْد كونيّ وإنسانيّ وبلاغيّ وتأويليّ وجماليّ، وهي تقرّب بين المعاني على مستوى التصوّر والتعرّف والإدراك؛ إذ إنّ خير وسيلة لإفهام الآخرين أو محاججتهم، هي عرض الحقائق والأفكار عن طريق مقابلتها ببعضها. إنّها آليّة فعّالة في صناعة النصوص، وآليّة قرائيّة وتأويليّة لها أهميّة قصوى في التحليل.