(دراكولا في مدينة جدة)؛ يسلط الروائي ناصر الشريف الضوء على تاريخ مدينة جدة في فترة من أصعب الفترات التي عاشتها المدينة أبان سقوط دولة المماليك وقيام الحكم العثماني، وما تلا ذلك من أحداث عاصفة، تمثلت في تلك الحملات التي حاول البرتغاليون من خلالها احتلال مدينة جدة كممر آمن للوصول إلى مكة المكرمة، واستماتة الجداويين في الدفاع عن مدينتهم المحاصرة، وصولا إلى دحر الغزاة المعتدين، في معارك بحرية عنيفة وثقتها المصادر التاريخية، قام المؤلف برسم تفاصيلها، عبر مشاهد سردية تجمع بين الحادثة التاريخية والبناء السردي في لغة فنية قائمة على التشويق والإثارة.

وإلى جانب البعد التاريخي الذي قام عليه المعمار السردي للرواية؛ تشتمل الرواية على بعدين آخرين: بُعد عاطفي ويتمثل في قصة حب جارف بين بطلي الرواية (عمر القضاعي) وحبيبته (سلمى) يمتزج فيها النبل بالتضحية، والخوف بالرجاء، والخيال بالواقع، والمفرح بالمبكي، وبُعد إثاري يطرق أبواب عالم الجن من خلال حوادث قتل متتالية تُنسبُ إلى جنية نزلت منزلا مهجورا في أحد أزقة جدة القديمة، وأدمنت امتصاص دماء ضحاياها بطرق مهولة مدهشة حيرت عقول سكان المدينة المسالمة، وجعلتهم رهينة للقلق والخرافات.

وعبر فصول ثلاثة تتوازى هذه الأبعاد الثلاثة لتصل إلى نقطة النهاية حيث تنتصر جدة تاريخيا، وتظهر حقيقة تلك الجنية التي استُعملت كأداة لتصفية الحسابات في يد بعض الفاسدين القائمين على السلطة، فيما يضع المؤلف قراءه أمام مفترق طرق في الجانب العاطفي حين جعل مصير بطل الرواية مجهولا، مما جعل نهايته مفتوحة وموكولة لخيال القارئ يرسمها كيف يشاء.

صدرت الرواية عن دار كتبنا في القاهرة عام 2021 . في 157 صفحة من القطع الصغير.