«ترنَّح البلانس فوق المياه، علا وهبط، أحاطته الأمواج بعلوِّها وتَوالِيها، التفَّت حوله في نوَّات لا تنتهي. لاحَظ تحليقَ النوارس على ارتفاعٍ منخفض، بالكاد تعلو إلى قُرب الصاري. أوعز لنفسه أن يَطمئنَّ إلى قُرب انتهاء الرحلة.»
بتعبيراتٍ رائقة وبأسلوبٍ روائيٍّ رشيق، يسرد لنا «محمد جبريل» هذه الرواية التي تحكي لنا تجرِبة ثلاثة شباب من الإسكندرية دفَعهم اليأس وقسوة الواقع الذي يعيشونه إلى ركوب البحر على متن بلانس صغير، لينقلهم برفقةِ آخَرين إلى بلدٍ آخَر بطريقةٍ غير شرعية، آمِلين أن يجِدوا في هذا البلد الجديد ما تَتُوق إليه أنفُسهم من عيشٍ رغيد وعمل مُجزٍ تتبدَّل معه أحوالهم إلى أحسنها. غادَر البلانس شاطئ الإسكندرية وسار بهدوءٍ في عُرض البحر، ولكن سرعان ما تَبدَّد السكون؛ إذ هاج البحر، وتعالَت صرخاتُ المسافرين التي سرعان ما غابت وسط الأمواج الصاخبة التي أحاطت بهم تمامًا، فظلُّوا يُقاومون مُحاوِلين النجاة بشتَّى الطُّرق. تُرى هل سينجون أم ستَسُوقهم الأمواج الهوجاء إلى مصيرٍ مجهول؟