«وسوف أحاول فيما يلي أن أبيِّن أن هذا الكاتب لديه نظرةٌ شاملة لبلده، تتَّسم بالتسامح وثقة المتمكِّن معًا، إلى حدٍّ ما، وأنه يُشبِه الإمبراطور الذي يستشرف مملكته؛ إذ يشعر أنه قادر على تلخيصِ تاريخها الطويل وموقعها المركَّب، والحكمِ على ذلك كله بل وتشكيله، باعتبارها بلدًا من أقدم بُلدان الأرض وأشدها جاذبيةً وروعة، ومَثار أطماع الفاتحين مثل الإسكندر الأكبر وقيصر ونابليون، بل وأهلها أنفُسهم.»
منذ أعلنَت اللجنة المنظِّمة لجائزة نوبل عن فوز «نجيب محفوظ» بالجائزة، تغيَّرت النظرة العالمية إليه؛ فلم يَعُد مجرَّد كاتبٍ عربي عميقِ الصِّلة بمجتمعه وقضاياه وتحوُّلاته، بل أصبح يُنظَر إليه باعتباره أحدَ أعمدة الأدب الإنساني في بؤرةٍ حضارية تمتدُّ جذورها إلى آلاف السنين، وبدأت حركةُ ترجمةِ أعماله إلى مختلِف اللغات العالمية، وراح النقَّاد يَعكفون على دراسة رواياته وشُخوصها وأبعادها الفلسفية. وقد جاء هذا الكتاب ليُلقِي الضوءَ على بعض هذه الجهود العالمية التي تناولَت «نجيب محفوظ» وأعمالَه؛ إذ قام «محمد عناني» بترجمة بعض المقالات لكُتابٍ عالميين، مثل «إدوارد سعيد» الذي سعى إلى نشر أعمال «محفوظ» في دار نشر أمريكية قبل ثماني سنوات من حصوله على الجائزة. كما قام «ماهر شفيق» برصد «محفوظ» في حركة الترجمة والنقد الإنجليزي، وتتبَّع فِكره وفنَّه في بعض أعماله.