علم الأنساب هو علم عظيم النفع، جليل القدر،ومن مقاصد الشرع الشريف، وأحد العلوم النظرية ويهتمبشكل خاص بقواعد النسب الكلية والجزئية، والمعرفة والالمام بالأصول وتتابع الأنسال والأعراقللشعوب والقبائل، وتفرعاتها، ومواطنها، وأخبارها، وكيفية اتصال وارتباط بعضها ببعض، والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في نسب شخص ما، وقد تميز العرب بهذا العلم عن سائر الأمم الأخرى .
ويعد علم الأنساب من أصعب العلوم الانسانية، لما فيه من علاقات وتداخلات وتشعباتفي مواضيعه وما يتخللها من مسائل شائكة، تتطلب التعامل معها بحذر وموضوعية وتحقق وتحقيق. وقد عنت العرب بأنسابها عناية عظيمة، وأولته أهمية قصوى، واهتمام كبير، بل كان من ابرز اهتماماتهم الأساسية، ولم تهتم أمة بأنسابها كاهتمام العرب بذلك عبر العصور والدهور.وقد كتب نسابة الأمة وعلمائها الكثير من المراجع والسير والتراجم في هذا الشأن في القرون الأولى رغم تناقصها وانقطاعها من القرن العاشر الى الرابع عشر الهجري تقريبا الا ما ندر، وفي نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر الهجري، ازدهرت حركة التأليف والنشر في كافة العلوم، وخاصة بعد توفر وسائل الطباعة الحديثة وفتح المؤسسات العلمية والبحثية، ونظرا لعدم وجود مؤسسات رسمية ترعى هذا العلم، فقد تم ادخال بعض الكتب الى المكتبة العربية والليبية خاصة، تطبع هنا وهناك، منها الغث والسمين، والرديء والمتين،وقد دخل في هذه المطبوعات كثيراً من الدس والتشويهوخلط الأنساب، بل وصل الأمر ببعضهم الى خلق أنساب جديدة، واعادة تنسيب بعض القبائل والعشائر الى قبائل أخرى دون التحقق أو الرجوع الى المراجع التاريخية المتخصصة في علم الأنساب.والشواهد على ما سبق ذكره كثير وفي عدة قبائل، واخص في هذا البحث نسب قبيلة الجماعات، وما ظهر فيه من خلط وتشويش وتضارب بين من كتبوا عنه؛ فهذا يرجح، وذاك يظن، وغيره يفترض، وآخر اخبره مخبرون، مع اختلافهم في نسب القبيلة، دون ذكر مصادرهم فيما كتبوا، ولذا رأينا أن هذا الأمر يتطلب الوقوف عنده، واعادة تصحيح ما ورد في هذه المطبوعات وذلك من خلال التحقيق والتحقق عما كتب، الذي تطلب الاجابة من الباحث عن مجموعة من التساؤلات وكان أهمها : ما هو نسب قبيلة الجماعات؟ ومتى نشأت ؟ وما هي فروعها؟، وأين مواطنها؟ ومن هم علماؤها وأعلامها؟ وما هو دورها في المجالات المختلفة؟ ، وهو موضوع البحث.
إن الكتابة في النسب والأنساب ليس أمراً سهلاً ويسيراً ولا كل من يملك ملكة الكتابة يمكن أن يخوض فيه، فعلم الأنساب علم جليل له مراجعه، ومصطلحاته، قواعده وله ضوابط ومنهجية، وهو ما دفعنا لكتابة هذا البحث والرد على بعض ما كتب فيما يتعلق بقبيلة الجماعات خاصة، والتعريف بها من حيث نسبها، ونشأتها، ومواطنها وفروعها وعلماؤها واعلامها، ودورها في المجالات المختلفة معتمدا بعد الله تعالى في ذلك على ما تمكنا من الحصول عليه من كتب الأنساب والتاريخ والتراجم والسير والمشجرات.
وأنا أقدم هذا البحث، لا أدعي أو أزعم هنا أنني قد اطلعت على كل الكتب والمراجع المتعلقة بالأنساب لأنها أكثر من أن تعد أو تحصى أو أن يحيط بها محيط، ولكن من خلال البحث في كتب الانساب والمراجع والتراجم والسير والتي تعتبر من أمهات الكتب في هذا المجال وسبقت ابن خلدون والقلقشندي،وبعدهما، والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: جمهرة النسب، وأنساب الأشراف،وجمهرة أنساب العرب، والكامل في التاريخ، وتاريخ الطبري؛ ثم المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، وأسماء القبائل وأنسابها، والمؤتلف والمختلف في القبائل، وعشائر الأردن، جولات ميدانية وتحليلات، والأنساب المتفقة، والاشتقاق، وكتاب مجموع بلدان اليمن وقبائلها، وتاريخ ذبيان وأنسابها، وكتاب شعراء ذبيان في الجاهلية، ومعجم سكان ليبيا، وكتاب نيل الامل في ذيل الدول،وكتاب شيوخ ابن فهد، والدرر الكامنة في اعلام اعيان المائة الثامنة ، والضوء اللامع في اعلام القرن التاسع ، وتاريخ ابن قاضي شبهة ، وتاريخ ابن الفرات ، وشذرات الذهب في اخبار من ذهب، والعبر في اخبار من غبر ، والكواكب السائرة في اعلام المائة العاشرة، والتراجم والسير، وغيرها من الكتب ومراجع البحث التي لا يسع المقام هنا لسردها، في القديم والحديث، وما كتب عن تاريخ غطفان وذبيان، والتي تنحدر منهما قبيلة فزارة، وعن فزارة نفسها، فلم يتوصل الباحث الى اسم قبيلة أو بطن من فزارة تحمل اسم صبيح أو الجماعات أو غيرها من اسماء القبائل التي ذكرت مع الجماعات حسب رواية المخبرون للقلقشندي.