登入選單
返回Google圖書搜尋
ديوان النابغة الذبياني
註釋

 النابغة الذبياني هو زياد بن معاوية بن سعد بن ذبيان، وهو أحد شعراء الجاهلية الإعلام، الذين لا يشق لهم غبار ولا ينازعهم مكانتهم منازع وهو رأس الطبقة الأولى من شعراء الجاهلية، بعد امرئ القيس بشهادة ابن سلام، وقد فضّله أهل الحجاز، مع زهير، على سائر الشعراء على ما يذكر ابن قتيبة في "الشعر والشعراء".

والنابغة الذبياني، شخصية مرموقة، متعددة الجوانب، فهو الجامع في نفسيته خصال الرجولة الحقة، الحكيم البصير بمواقع الكلم، الشاعر اللبق في مخاطبة الملوك أو مدحهم، والاعتذار إليهم، السياسي المجرب، الذي يجيد مداورات السياسة وأساليب رجالاتهم، وهو الناقد الجريء الذي يناط به أمر الفصل بين الشعراء فيحسن التمييز بينهم عن خبرة بالشعر، وطول باع، ولهذا كان الحكم المفضل في محافل "عكاظ" الأدبية.

وليس أدل على قوة هذه الشخصية، من اتصال شاعرنا ببلاطي المناذرة والغساسنة، المتباينين في السياسة، الممعنين في المنافسة واللذين استعرت بينهما الخصومة، واضطرمت العداوة والبغضاء. فقد استطاع بدهائه، ومرونته، أن ينال الخطوة عند هؤلاء وأولئك فكسف بذلك نجم غيره من الشعراء، ونعم بترف العيس وهدأة الحياة ردحاً طويلاً من الزمن، حتى إذا تألب عليه الخصوم، وراحوا يكيدون له، حمل عليهم ناقماً مشهراً، وخرج من مصاولتهم معزز الجانب، غلاباً، قوياً، شأنه في كل مواقفه.

وفي هذه الحياة الحافلة بالأحداث المكتنفة بالمفاجآت، لا يتنازل عن مكانته في قومه، فيبقى شاعر قبيلته المؤيد لها، الجاهد في إعلاء كلمتها، الساعي للمحافظة على أحلافها من القبائل العزيزة الجانب، في ظروف حرب السباق المشهورة.

ولعل السمة اللافتة في شعره ذاك التأثر بالظروف المكانية والزمانية الذي حمله على أن يضفي على فنونه طابعاً من الواقعية مستمداً من البيئة البدوية أو الحضرية، فهو جزل شديد الأسر في أوصافه الصحراوية، رقيق عذب واضح العبارة بعيد عن الخشونة ممعن في السهولة، في وصف حالات الوجدان، وفي أداء الخواطر أو إرسال الحكم، إلا إذا اقتضت البلاغة الإبقاء على لفظة غير فصيحة لكنها دالة.

ولأهمية شعره فقد حظي باهتمام الأدباء قديماً حديثاً. وفي طليعة هؤلاء عبد الملك الأصمعي (828م) والطوسي (القرن التاسع الميلادي)، فإليهما يعود الفضل في جمع قصائده وترتيب ديوانه.

وإلى تلك المجموعة الشعرية استند المستشرق الورد (AHL Wardt) في أواخر القرن التاسع عشر حين ضم ديوان النابغة إلى عدد من دواوين الجاهليين فيما سمّاه "دواوين الستة الجاهليين"، بعد أن استدرك الأبيات والقطع التي لم يعن الأصمعي والطوسي بجمعها. ويعتبر الأعلم الشنتمري الشارح الأوفى شرحاً لديوان الشاعر الذبياني، وهو الشرح الذي أرفق بالترجمة الفرنسية للديوان، والذي نشر في المجلة الآسيوية بعناية المستشرق ديرنبورغ. ومن شراح النابغة أبو بكر البطليوسي. وقد أورد الأب شيخو في "شعراء النصرانية" أهم قصائد النابغة مستمداً حواشيها من الشروحات التي أومأنا إليها. وقد حرص المحقق الجامع لهذا الديوان على أن تكون النسخة الجديدة التي بين يديما من ديوانه جامعة لأبرز شروح الأقدمين مع مراعاة الحاجة إلى الجوهري وتوخي البيان وتجنب الإطناب.