كانت معرفة الشيطان فاتحة التمييز بين الخير والشر، ولم يكن بين الخير والشر من تمييز قبل أن يُعرف الشيطان بصفاته وأعماله، وضروب قدرته، وخفايا مقاصده ونياته.
كان ظلام لا تمييز فيه بين طيب وخبيث، ولا بين حسن وقبيح، فلما ميز الإنسان النور عرف الظلام، ولمَّا استطاع إدراك الصباح استطاع أن يعارضه بالليل، وبالمساء.
كانت الدنيا أهلًا لكل عمل يصدر منها، ولم يكن بين أعمالها الحسان وأعمالها القباح من فارق إلا أنَّ هذا يَسرُّ وهذا يسوء ، وإلا أنَّ هذا يُؤمَن وهذا يُخاف، أما أن هذا جائز وهذا غير جائز في ميزان الأخلاق، فلم يكن له مدلول في الكلام، ولم يكن له - من باب أولى - مدلول في الذهن والوجدان. وكانت القدرة هي كل شيء.