تمتد علاقة تركيا بالعرب عمومًا إلى عدة قرون من الزمن بحكم الموقع الجغرافي لتركيا من ناحية، وامتلاكها للقوة والنفوذ والسيطرة في بعض فترات التاريخ من ناحية أخرى حيث الإمبراطورية العثمانية التي حكمت المنطقة العربية لأكثر من أربعمائة سنة كجزء من تلك الإمبراطورية المترامية الأطراف .
وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى ونشأة الدول في المنطقة بعد تقسيمها وفق اتفاقية سايكس- بيكو عام 1916، اتجهت تركيا نحو الغرب حيث إن نفوذها قد تقلص ولم تتمكن من استعادة قوتها إلا في النصف الثاني من القرن ذاته حيث بدأت تخطط لأن تلعب دورًا إقليميًا جديدًا مستغلة ً مصادر القوة لديها.
وتعد المنطقة العربية عمومًا والمملكة العربية السعودية خاصة من ضمن الاهتمامات الإستراتيجية لتركيا إقليميا ً والسبب في ذلك ما يتعلق بالأمن القومي التركي حيث وجود منابع تهديد قادمة من بعض الدول العربية إضافة إلى الدوافع الاقتصادية الأساسية والتي لا تقل أهمية عن الدوافع الأمنية، من هنا جاءت حركة تركيا تجاه المنطقة العربية والمملكة العربية السعودية وقد غلبت المصالح الاقتصادية بشكل كبير على مجمل علاقاتها بالعالم العربي.
تطورت العلاقات السعودية التركية التي بدأت رسميًا عام 1929 وتعرضت لأكثر من عرقلة عبر تاريخ هذه العلاقات. وينطلق هذا الكتاب من مقولة رئيسية مفادها "إن المملكة العربية السعودية تسعى حالياً لإقامة تعاون وتنسيق في جوانب متعددة سياسية واقتصادية وأمنية مع الجمهورية التركية وذلك لإحداث توازن امني في المنطقة، لاسيما بعد إخراج العراق من المعادلة الإقليمية في المنطقة".