نبذة عن الرسالة
هذه الرسالة كتبتُها ردًّا على أحد خوجوات النقشبندية اسمه ابن عابدين.
أما ابن عابدين (1198 هـ/1784-1252 هـ/1836) فهو فقيه حنفي، وُلِدَ وعاشَ ومات في دمشق. كان هو "رجلَ دينٍ"، ولكن الناسَ عدّوه من العلماءِ؛ والحال، بين الشخصية العالم ورجل الدين بون شاسع، كلٌّ له مجالٌ خاصٌّ. لقد التبس على الناسِ رجال الدين بالعلماءِ بعد انقراضِ الإسلام وقيام دياناتٍ مشوهةٍ ملأت فراغهُ منذ قرون، فلا يسع المقام لسرد هذه الإشكالة.
كان ابن عابدين نقشبنديَّ المشربِ، والطريقة النقشبندية تيارٌ صوفِيٌّ قامَ بحياكته أول مرّةٍ رجل اسمه عبد الخالق الغجدواني في مدينة بخارى حوالى عام 1200م. اختلق عدة مبادئَ اقتبسها من الديانات الهندية، ثم بنَى على أساسها طريقةً روحانيةٍ اعتنقها طوائف من الأجيال بعده إلى اليوم، تستمد منها الْمُسْلُمَانِيَّةُ Müslümanlık. وهي ديانةٌ قوميةٌ شائعة في تركيا إلى اليوم. اعتنق ابن عابدين تعاليمَ النقشبنديةِ على يد رجلٍ من خواجوات أكرادِ العراقِ، اسمه خالد البغدادي. ولما ضاقَ المُقامُ على البغدادي في بلده وهاجر إلى دمشق وأقام بها، لَزِمَهُ ابن عابدين هناك، وانبهر به، وتفانى فيه، ودافع عنه في مواجهة علماءِ الإسلام... لأن البغداديَّ كان معرَّضًا لانتقادات العلماءِ بين الفينة والأخرى، فشمَّر ابن عابدين عن ساعد الجد للدفاع عنه فكتب رسالةً سماها "سل الحسام الهندي لنصرة مولانا خالد النقشبندي"، ردًّا على من رمى البغداديَّ بالزندقة والتضليل.
ولما وقع نظري على هذه الرسالةِ ولمستُ فيها الخطرَ على من يجهلُ الصوفيةَ والطريقةَ النقشبندية، خشيتُ أن يقع أهل التوحيد في حبال هذه الطائفة، فكتبت هذه الرسالة التي سميتُها "موقف ابن عابدين الفقيه من الصوفية والتصوف"، كتبتها غيرةً على الإسلامِ وقِيَمِهِ السامية.