هذا الكتاب:
الخلاف والاتفاق، أهما هاجسٌ كوني أم ديمومة قدر؟!
نتساءل: ماذا يفعل الناس؟ بعد هذا الغروب كله، وبعد هذا الانهيار؟!
يمارسون الاعتياد والنمطية، ثمة نشاطات، لكن يجب إضافة المعنى!
هذا الكتاب يكشف (النشاطات)، لكنه – أيضاً – يضيف المعنى!
لذا ندرك أن (الخلاف) أو (الاتفاق) بين الدول (العربية)، بعضها مع بعض، أو بينها وبين سواها، كما بين الأفراد والقبائل، ليسا حالتين مؤقتتين وموقوتتين، بمعنى اللحظة الراهنة وإلى زوال؛ بل بعضها صارت – مثل ثوابت لسنوات وحقب، تختفي، لكنها تظل نائمة تحت القشرة، أو تحت طيات الثياب، لا تزول، بل تتكئ على جذورها وتعتمدها لنسغ جديد يأخذ شكلاً آخر، كما لو كانت ثماره أزلية لشجرة طيبة، أو شيطانية خبيثة!
نرى البشر يبذلون الكثير، لكن الجهد يولد الألم، بخاصة حين لا يُنتج عن المفاوضات والمناقشات ما يدرأ الحروب ويمنع السارق والمحتل من الإبقاء على (الفريسة) عنوة: أرضاً ثمارها من ذهب، أو مياهاً فراتاً، أو نعماً وأنعاماً، كأنها (حقه) الطبيعي، تماماً كما النفط، كأنه ورثه عن الأسلاف!
هذا الكتاب يُعرفنا على علاقات عميقة ومديدة بين العرب والفرس، خلافات وصلت حد احتلال الجزر الثلاث أو المطالبة بالبحرين بديلاً!.. أو إلى حرب طاحنة دامت ثماني سنوات سميت – مجازاً – بحرب الخليج "الأولى" وكان لا بد أن تسمى حرب الخليج الدائمة، لأنها تمتد لما بعد وإلى ما قبل.. ثم حلت حرب الخليج الثانية حين كبرت خلافات الأشقاء فوصلت حد "الغزو" – كأن الغزو – لما يزل "رياضة قومية!" كما كان في الجاهلية الأولى!
هذا الكتاب لا يتحدث عن (معادلات) الحب الغامضة حيث الصدق هو المطلوب، لكنه يتحدث عن (اتفاقات) مصالح ومطامع ومطامح و(حب أعمى) بين وبين.. مع الولايات المتحدة، أم مع أوروبا، مع الغرب بعامة، كأنهم أهلنا والعشير، وحتى مع إيران أيضاً!.. غزل، أو ربما زواج “متعة”، ظاهراً، لكنه زواج كاثوليكي أبدي!
هذا الكتاب يوصلنا إلى قناعة ما نحن عليه الآن كأنها قانون: المقدمات تقود إلى النتائج! صحيحة أم خاطئة، في الحالين هي: خسائرنا!
كان حلم (السوفيت) أن ترسو بواخرهم (ومصالحهم) في المياه الدافئة، لكنهم غابوا وغربت شمسهم! والآن تمخرُ عباب مياهنا البوارج الأمريكية والبريطانية (أو) بوارج (الحلفاء) كأنها مياههم!
الغرب لم يعد يتعكز على (خطر شيوعي) ولا على مصالح(سوفييت ملاحدة) قادمين لاحتلالنا، إنه جهير وصادح الآن بعد أن ركز قواعده ومصالحه ومستشاريه وجنده!
هذا الكتاب يظهر ما خفي، حيث الخليج ودوله نموذجٌ، وحيث قدم السفير نجم الدين عبدالله حمودي براعته في إعادة صياغة ذاكرة التاريخ والأحداث والرؤى والملاحظات. ذاكرة (دبلوماسية) جالت ونقبت بين الملفات والعقول والمدن وبين تلك النار.
هذا الكتاب ليس كتاباً لساعته وزمانه، بل لساعتنا وزماننا الآن!
الجزر، النفط، الكويت، العراق – والأمة – إنه احتلال الغد، فلأي معنى إضافي يذهب بنا؟ هذا الكتاب؟؟! ذلك ما سنعرفه حين نقرأ صفحاته الساخنة أو الهادئة بأناة.