تحدد مكانة أية أمة من الأمم بالدائرة الحضارية التي تنتسب إليها، وبالنظام العام الذي ينبثق عن هذه الدائرة، ويتمثل في أنظمة فرعية أهمها نظام الاعتقاد، ونظام المعرفة، ونظام القيم. وقد ابتليت الأمة الإسلامية في هذا الزمان بصور من الفوضى الفكرية التي رافقها خلل في نظامها المعرفي، ظهر في اختلاط الدلالات الأساسية للألفاظ والمفاهيم المعرفية ومصادرها وأدواتها. فالمفهوم الواضح ينطوي على معان جليّة، وقيم واضحة تعين في ربط ذلك المفهوم مع المفاهيم الأخرى، بصورة تسهم في تقدم المعرفة وتيسر سبل البحث وتوظيف نتائجه في البناء الثقافي والحضاري للأمة.
وهذا الكتاب جهد مقدر، صنَّف فيه المؤلفُ المفاهيمَ القرآنية في خمس مجموعات متقاربة معرفياً هي: المعرفة، والعلم، والوحي، والعقل، والحس. ثم عرض كل مفهوم من المفاهيم التابعة لكل مجموعة في دراسة معجمية واستعمالية وتأويلية، وذلك ضمن المرجعية القرآنية العامة، مما يعد خطوة مهمة في سبيل إنشاء معجم للمفاهيم المعرفية القرآنية. وأكد الكتاب أهمية التعامل مع المفاهيم القرآنية وفق قواعد محددة، تتضمن ملاحظة الخصوصية الحضارية واللغوية للمفهوم وتحليل بنيته، وتتبع تشكُّله وتطوُّره الدلالي.