تقدم القنوات الفضائية وخاصة الإخبارية منها المعلومات والأراء والأفكار التي تساعد أفراد المجتمع على تكوين رأي معين تجاه القضايا والمشكلات التي تخص حياتهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وتختلف كل قناة إخبارية عن الأخرى في طريقة تقديم الحدث والتعليق عليه وتفسير أسباب وقوعه، وحسب السياسة العامة، والشخصية الخاصة لكل قناة، كما يمكنها التأثير على تصورات الأفراد الذين يعيشون في مجتمع معين عن طريق كمية الآراء والمعلومات ووجهات النظر حول تلك الأحداث والقضايا.
وتلعب القنوات الفضائية الإخبارية العربية دوراً رئيساً وفاعلاً في معالجة قضايا الإصلاح السياسي لكونها محفلاً إعلامياً يتيح النقاش لقطاعات المجتمع المختلفة في جميع وجهات النظر، والمساهمة على تهيئة المناخ المناسب لإنجاح عملية التحول الديمقراطي من خلال توحيد العمل السياسي بترشيح القيم الديمقراطية، وتوسيع المشاركة السياسية، والتداول السلمي للسلطة، ومتابعة كافة صور الفساد والانحراف وتجاوزات السلطة واخضاع صناع القرار والمسؤولين للمساءلة عن أفعالهم أمام السلطة القانونية، وتعكس طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع إستناداً إلى مبادئ احترام حقوق الإنسان وإقرار التعددية الفكرية، ويتوقف ذلك على الشكل والمضمون المقدم من تلك القنوات للجمهور وحجم الحريات التي ترتبط بفلسفة النظام السياسي الذي تعمل في ظله، والحرية التي تتمتع بها داخل المجتمع العربي.
وقد ازدادت الضغوط منذ بدايات التسعينيات على مختلف البلدان العربية لتبني الديمقراطية وسياسات الإصلاح السياسي، الذي يقصد به عملية تحول المجتعات العربية من مجتمعات سلطوية استبدادية إلى مجتمعات ديمقراطية ليبرالية. وبهذا المعنى تصبح عملية الاصلاح عملية مجتمعية ترتبط بالقيم بمعناها الواسع؛ (القيم الثقافية والقانونية) كما ترتبط بالمؤسسات العامة ومن خلال رؤية استراتيجية واضحة تحدد أهم اهدافها في تحول الطبيعة السلطوية للنظم السياسية العربية لعملية الحكم ومؤسساتها وآلياتها إلى طبيعة ديمقراطية ليبرالية على مستوى مختلف المؤسسات والقيم والمفاهيم.
وتفترض عملية الإصلاح السياسي في المجتمع العربي وجود عملية مواجهة سياسية مستمرة مع البقايا الراسخة من النظم التقليدية الحاكمة تستدعي القيام بعمليات نفسية وإجرائية تستهدف أفراد هذا المجتمع، لجعلهم يؤمنون بأن الحكومة هي آلية من آليات تحقيق أهدافهم ومصالحهم.
ويستوجب ذلك بواقع الحال استيعاب المجال السياسي العربي للتغيير المؤسسي، واستمرارية تغيير النظم الحاكمة فيه وبالشكل الذي يكون فيه لدى الأفراد قابلية الموافقة على الأشكال والطرق الجديدة للسلطة وسبل تداولها وانتقاء السياسيين وفقاً لمعايير موضوعية وليست تقليدية تشوبها العصبية.
وقد شهدت بعض الدول العربية في الآونة الاخيرة أحداثاً واحتجاجات واسعة اندلعت من قِبَل الجماهير التي رفعت شعارات وأهدافاً مختلفةً في كل دولة ومنها مطالب الإصلاح إن كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، ثم تحولت تلك المطالب تدريجياً إلى هدف واحد وهو إسقاط الأنظمة الحاكمة.
وفي السنوات الأخيرة حدث تحول في العلاقة بين الإعلام والسياسة, ففي الماضي كان ينظر لوسائل الإعلام بأنها خارج نطاق العملية السياسية، الا ان التطورات المعاصرة جعلت اليوم وسائل الإعلام لاعباً أساسياً بالمشهد السياسي وهي قادرة على صنع قضايا سياسية أو تفجيرها، وبذلك زاد نفوذ وسائل الاعلام وقوتها.
فوسائل الإعلام بالرغم من اختلافها هي مرآة للشعوب وتساعد على تكوين الرأي العام تجاه القضايا المحلية والإقليمية والدولية.
فكانت نشرات الأخبار والبرامج الحوارية التي تبثها القنوات الفضائية الإخبارية العربية إحدى الوسائل التي أُستخدمت في توجيه الرأي العام تجاه قضايا الإصلاح السياسي في (العراق، مصر، سوريا)، حيث تسلط تلك الفضائيات الضوء على قضايا بعينها دون الأخرى وتقدم المعلومات والمقترحات بما يتوافق ويتماشى مع فكر القائمين على هذه القناة أو تلك.
وقد أصبحت بعض القنوات الفضائية تضم نوعاً من الكوادر المؤلفين عن الشهرة والمال لأدوار لا تتميز بالمهنية ومن خلال نقل الحدث إلى المشاهد بصورة مشوشة من خلال التلاعب بالتقارير الواردة عن الأحداث الجارية في الدول العربية وحسب أولويات القناة، والغرض منها تشويش الحقيقة وتضليل المشاهد والتحيز نحو جهة معينة.
وانطلاقا من هذا الشعور وأهمية هذه الموضوعات والقضايا تناول المؤلف رسالته إذ يعاني المجتمع العربي من جراء سياسات القوى الحاكمة العديد من قضايا الإصلاح السياسي في بعض الدول العربية ومنها (العراق، مصر، سوريا) وهذه القضايا تفاقمت وكبرت فكان لابد من تسليط الضوء عليها.
وترجع أهمية قضايا الإصلاح السياسي في الدول العربية (العراق، مصر، سوريا) إلى الموقع الجغرافي المتميز لتلك الدول في الأمتين العربية والاسلامية وتأثير قراراتها السياسية على الأصعدة العربية والإقليمية والدولية، وثقلها الكبير في بلورة السياسة الدولية تجاه المنطقة، وبالتالي تشكل خطراً كبيراً على المجتمع العربي والعالم بأسره.
ويستعرض الكتاب "الفضائيات الإخبارية.. دورها فى توجيه الرأي العام سياسيًا" ليبحث في خمس فصول معرفة مدى اعتماد الجمهور العراقي على القنوات الفضائية الإخبارية العربية كمصدر رئيس لاكتساب المعلومات، ومعالجة تلك القنوات لقضايا الإصلاح السياسي في الدول العربية في ظل المتغيرات والمستجدات المعاصرة، سيما فيما يتعلق منها بقضايا الإصلاح السياسي.
وقد تناول المؤلف في الفصل الأول نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام.
وفي الفصل الثانى تناول المؤلف الاصلاح السياسي في الدول العربية, ومفهومه, وأهم مظاهره مثل المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة إضافةً الى المظاهر الاخرى, والتطرق الى أولوياته, وكذلك واقع النخب العربية, ودوافعه الداخلية والخارجية, وكذلك موجبات الاصلاح. السياسي في الدول العربية وبشكل مفصل.
أما في الفصل الثالث: فقد تناول القنوات الفضائية الاخبارية العربية المتخصصة بصورة عامة ونشأتها, والقنوات الفضائية الاخبارية العربية(عينة الدراسة), (الجزيرة * العربية * النيل للأخبار) بصورة مفصلة, من حيث نشأتها وتطورها وآفاقها المستقبلية.
وفى الفصل الرابع تناول نتائج الدراسة التحليلية:
- البرامج الحوارية التي تبثها القنوات (الجزيرة*العربية*النيل للأخبار).
- النشرة الرئيسة التي تبثها القنوات (الجزيرة * العربية * النيل للأخبار).
أما في الفصل الخامس فقد تناول:
نتائج الدراسة الميدانية على عينة تمثل 400 مفردة من الجمهور العراقي.
وأخيرًا خاتمة الدراسة وخلاصة النتائج.