إنها مقاطع من الذاكرة، ولكن ما هو حي ونابض فيها يكفي لكي يرسم صورة لطبيعة البيئة الاجتماعية والسياسية التي عاشها المؤلف.
لا بأس أيضا في أنها كل ما بقي. ذلك أن الذين بددوا المخطوطة الأصلية، ربما كانوا يريدون أن يتركوا فيها بصمتهم الخاصة. وقد فعلوا. وإن بغير نجاح كبير. ذلك أن ما لم تصل إليه أياديهم بقي ساخرا ومضمخا بعطر (أو غبار) السنوات، وهو ما كان يكفي ليبدو وكأنه لعنة سوف تظل تلاحق عميان السلطة وطرشان التسلط، في كل مكان.
والأديب، في هذا الطبيب، ظل قادرا على أن ينسج من حكايات الواقع ما لم يلتفت إليه الواقع نفسه، فجاء غنيا بألوانه المختلفة، وظل قادرا على أن يترك ابتسامة ولو مُرّة.