حضرموت بلاد الأحقاف

محاضرة للأستاذ

صلاح بن عبد القادر البكري

على بعد خمس عشرة درجة عرضًا شمالي خط الاستواء، وخمسين درجة طولًا شرقي غرينتش Greenwieh، وما بين مهرة شرقًا، وعدن غربًا، ورمال الدهناء شمالًا، والبحر العربي جنوبًا، تقوم سلسلة جبال صخرية جرداء، وبين هذه الجبال تقوم أودية فسيحة منبسطة متصل بعضها ببعض من جهات ومقطوعة من أخرى، وقديمًا كانت هذه الأودية وهذه الجبال تسمى: (الأحقاف)، وإنما سميت حضرموت لسبب ذكره بعض المؤرخين، ذلك أن عامر بن قحطان أول من نزل الأحقاف، فكان إذا حضر حربًا أكثر من القتل، فصاروا يقولون عند حضوره حَضَرَ مَوْت، ثم صار ذلك عليه لقبًا، وصاروا يقولون للأرض التي بها قبيلته هذه أرض حضرموت، ثم أطلق على البلاد نفسها. وفي التوراة اسم حضرموت حاضر ميت.

ويسكن حضرموت اليوم نحو مليون نسمة ويقال لهم الحضرميون أو الحضارمة أو الحضارم، وهم شعب عربي حاد الذكاء، قوي الذاكرة، بعيد النظر، حر الضمير، طاهر الذيل، شجاع كريم، لم يقهره حاكم جائر ولا فاتح طاغية، لم يخضع لإيوان كسرى، ولا لبلاط قيصر، لم يبلغه فسق الروم، ولا ترف الفرس، فهو نشأ بمعزل. نشأ مستقلًا في كل شيء: في حياته، في أعماله، في حركاته وسكناته.

من محاضرة الأستاذ صلاح البكري تحت عنوان: حضرموت بلاد الأحقاف