登入選單
返回Google圖書搜尋
التطرّف الفكري
其他書名
الأصول الفكرية لجماعات التطرف المعاصرة
出版دار اكتب للنشر و التوزيع , 2023-01-25
主題Psychology / General
URLhttp://books.google.com.hk/books?id=uwMPEQAAQBAJ&hl=&source=gbs_api
EBookSAMPLE
註釋

يمكن للعقل أن يتصور وجود المُتطرفين في كل زمان ومكان، وأن يتصور لهم أيضًا رابطة ما تنكر الإيمان بالله، وضرورة الاجتماع الإنساني وآلياته، ولكن ما يعجز العقل عن تصوره أن تنشأ جماعات تهدم الاجتماع ويوم الدين من حيث ادعائها أنها تهدف من وراء ذلك إلى إقامة مُجتمع صالح مؤمن بالحساب الأخروي، فضلًا عن أن تنسب تلك الدعوة إلى إرادة الله.

كذلك يتصور العقل أن تقوم جماعة على أساس من الرغبة الغضبيَّة، وإرادة الانتقام والثأر، أو حتى الطمع في الرياسة والملك، أو أية منافع شخصيَّة أخرى، ويتصور مع ذلك أن تجتهد تلك الجماعة في صياغة مسوغات شرعيَّة وعقليَّة لوجودها وعملها، ولكن ما لا يتصوره العقل أن تقوم جماعة باختطاف دين بأكمله وتاريخه الطويل وتراثه الضخم من أهله، بل تقوم بتجريد المؤمنين به من انتسابهم إليه، وادعاء أنَّ أهل هذا الدين على مرِّ العصور ليسوا أهله، وأنَّ هذا الدين لا تُمثله إلا جماعتهم التي حدثت في الزمن الأخير على مُقتضيات ذلك الدين التالِد، فمثلته خير تمثيل، وخير ممَّا مثلَّه مَن تلقوه مؤمنون به كابرًا عن كابر، دون فجوة زمنيَّة، أو سقطة إسناديَّة، أو غيبة للمرجعيَّة.

إنَّ المجتمع المؤمن ليعامل المُجرمين بالتي هي أحسن طلبًا لتعديل سلوكهم، ولكنه لا يمكن أن يُعامل الكذابين على دين الله، الوضاعين فيه صفات الهمجيَة والعنف، إذ الأولون تُرجى مُقابلتهم الإحسان بالإحسان، ولكن الآخرين لا يُرجى منهم إلا أن يقابلوا الإحسان بالاتهام، فكأنما يُداهنهم ويتألفهم خشية شوكتهم وبأسهم.