登入選單
返回Google圖書搜尋
التحولات الراهنة ودورها المحتمل في إحداث التغيير في العالم العربي
註釋

ترددت في الأعوام الأخيرة، وعلى مختلف الصعد المحلية والدولية، والرسمية والأهلية، مفردات من مثل التغيير، والإصلاح، والتحديث والتطوير، والتحول السياسي، والانتقال الديمقراطي. وعلى الرغم من أن المطالبات الإصلاحية لم تغب عن المشهد العربي في العقود الماضية، فإنها أخذت بُعداً جديداً ومغايراً مع مطلع القرن الحادي والعشرين. وجسَّد تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 2002، أول تأطير منهجي لهذه المطالبات.

لقد قامت الموجة الإصلاحية الجديدة في ظل أوضاع إقليمية ودولية غير مواتية؛ مثل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ونشوء احتلال جديد، هو احتلال الولايات المتحدة للعراق، هذا فضلاً عن تنامي ظاهرة الإرهاب. وقد تذرعت أنظمة الحكم العربية أمام الشعوب والقوى الخارجية على حد سواء بهذه القضايا لتعطيل الإصلاح الشامل أو تأجيله.

ومازال تأثير المنظمات غير الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني بصفة عامة، محدوداً في العالم العربي. ولاشك في أن التنمية الثقافية والسياسية ستؤدي إلى تعزيز دور المجتمع المدني، بمنظماته غير الحكومية، في إقامة مجتمع الحرية والحكم الصالح في الدول العربية.

لقد تصاعدت في الفترة الأخيرة المطالب الديمقراطية للقوى المجتمعية والسياسية العربية. وقد دخل الفكر الإسلامي المستنير في مصالحة تاريخية مع آليات الديمقراطية وقيمها، وحاول التوفيق بين الديمقراطية ومبدأ الشورى في الإسلام، إلى درجة أن معظم حركات الإسلام السياسي أصبحت تدعو إلى تطبيق الديمقراطية. إلا أن شكوكاً مازالت تثار فيما إن كانت هذه الحركات تتخذ من الديمقراطية مطية للوصول إلى الحكم لتنقلب عليها من بعد، أم أنها مقتنعة بها حقاً وملتزمة بها فعلاً.

ولذا، فإن قوى الإسلام السياسي مطالبة بأن تحسم خيارها الديمقراطي، وأن تجلِّي اللبس في مسائل تتصل بالموقف من الديمقراطية، ومن جهة أخرى فإن الأنظمة العربية مطالبة بأن تكف عن ترويع الداخل والخارج بالخطر المتأتي من القوى الإسلامية، واحتمال وصولها إلى سدة الحكم في حال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، واستخدام هذا الأمر مسوغاً لتعويق التحول الديمقراطي وتجميد الحياة السياسية العربية.

وأخيراً، إن أي مشروع للبناء الديمقراطي في العالم العربي يجب أن يكون مقروناً بتحقيق تنمية شاملة، ولاسيما أن النظريات التنموية الحديثة والتجارب المعاصرة أكدت الربط الوثيق - إن لم يكن الحتمي - بين الحرية والتنمية.