سوف نرى كيف أن السياسة الأوربية وقعت في خطأ تاريخي عندما نظرت إلى المنطقة العربية عقب الحرب العالمية الثانية على أنها جزء من العالم الثالث، وأن ما يسري على العلاقات الأوربية الدولية في تعاملها مع العالم الثالث يجب أن يسري على المنطقة العربية.
إن مبدأ عدم الانغماس في مشاكل الدول المتخلفة منطقي للمجتمع الأوربي وهو يخرج من حرب أنهكت قواه ويسعى إلى إعادة بناء منزله الداخلي، ولكن المنطقة العربية لها وضع مختلف؛ حيث إنها تمثل الامتداد الطبيعي للأمن الأوربي. والدفاع عن أوربا يعني -كما قال هنري سيباك في خطابه المشهور الذي شفعه باستقالته من حلف الأطلنطي- ضرورةَ تأمين حوائط البحر المتوسط الجنوبية؛ أي المنطقة العربية.
ليس هدفنا في هذه الدراسة المتابعة التفصيلية للسياسة الأوربية في تعاملاتها المختلفة مع المنطقة العربية، فهذا له موضعه والذي يعنينا في هذه الصفحات هو تحليل منطق التعامل بين العالم الأوربي والعالم العربي، وبصفة خاصة من منطلق مفهوم الحوار.
