تركني وخرج ..وكأنه ألقاني بموقدٍ أشتد سعيره وأغلق بابه ..رائحة النيران بكل مكان. نظرتُ إلى جثتي ..سالت دموعي دون توقف..يوم لا ينفع البكاء شيئًا..رُفعت الأقلام وجَّفت الصحف وسُجلت الأعمال ..وآنَ وقتُ الحساب..آن وقتُ العذاب.. يا لحسرتي .. كنتُ عبدًا لعناد والدي .. كان سببًا لذلك بقسوته .. لو أنه عاملني بلينٍ وهوادةٍ ..لكنت الآن بمنتظر الجنة .. يا إلهي! اصفح عني واغفر لي ..أعرف أنك غاضب مني أشد الغضب..وأنني عاصٍ كافر عنيد ..ولكنك غفور رحيم .. اعفُ عني وارحمني.
-إلهي ان كنت بمعذبي، فارجعني للدنيا أُطِعْكَ كما ينبغي، إلهي أنت خالقي بيديك، فأحسن نهايتي ومُستقري، أرجوك ..المغفرة..المغفرة..المغفرة.
بكاء لم ينقطع..يمتزج بأصوات الصارخين بذلك الوادي القريب.. لو تخيلتُ نفسي لحظةً بذلك المكان من قبل لما كنتُ ارتكبتُ أيًّا من خطاياي اللعينة..تلك الخطايا التي تُقيِّدُني وتُلقي بي بجحيمٍ لعين..خرجتُ إلى تلك الشرفة .. نيران هائلة أسمعُ صوت حفيفها عاليًا تفزع له نفسي..تتميز نارها بمن فيها ..وكأنها تنادي على وافدها الجديد.. عليّ.
التفتُّ حولي بكل مكانٍ مذعورًا ..لا مجال هنا للهروب.
كاذبٌ من قال إن الموت هو نهاية الرحلة ..فالرحلة لن تبدإ إلا بالموت..بداية لعنة أبدية سأقعُ فريستها لا محالة..صوت جديد ينضم ُّ .. شبيه بأصوات إنذارات الحريق بالفنادق..صوت عالٍ أربكني ..دخلت للغرفة مُحاولًا إيجاد مصدر ذلك الصوت..هالني ما رأيتُ ..عددٌ هائل من الديدان تخرج من الشقوق بالجدران ..شكلُها تقشعر له الأنفس.
رواية النباش
عمرو البدالي