إن للبحث في تاريخ يهود الجزيرة العربية أهمية عظيمة في حل المشكلات التي يتخبط فيها كثير من الناس وإماطة اللثام عن لهجات العرب ودياناتهم وعاداتهم لما بين اليهود والعرب من رابطة الدم ، ولما بين اللغة العبرية واللغة العربية من التشابه والاقتراب.
ومع أنه قد وجدت أمم سامية قبل بني اسرائيل بآلاف من السنين فإن الباحثين يرون في اللغة العبرية وآدابها مقياسا صالحا للبحث في جميع اللغات السامية، إذ كان بنو اسرائيل أقدم أمة سامية تركت ميراثا روحانيا عظيما في الأدب والدين يعتبر أكبر مجموعة قديمة من أثر القريحة السامية، لأن الذي وصل إلينا من آثار البابليين والأشوريين والآراميين ضئيل جدا بالقياس إلى ما وصل إلينا من تراث بني اسرائيل...
على أن اللغة العبرية من أمهات اللغات السامية، فقد كانت شائعة قبل نشوء بني اسرائيل وظهورهم في العالم إذ كانت لغة أهل فلسطين الكنعانية ولغة كثير من القبائل في طور سيناء وشرق الأردن، وكان من أهم تلك الأمم بنو أدوم وعمون وموآب وقبائل عماليقية ومديانية واسماعيلية ثم ظهرت بطون بني اسرائيل بين هذه الأقوام في طور سيناء وأطراف الحجاز وانتشرت منها إلى الأقاليم الأخرى وبقيت هذه اللغة صاحبة السلطان والنفوذ مدة طويلة .