登入選單
返回Google圖書搜尋
سر المسيح
註釋

   يدور موضوع هذا الكتاب حول  الكشف عن سر المسيح السر المكتوم منذ الدهور فى إلوهيم خالق الجميع بيسوع المسيح. لكى يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين .. بواسطة الكنيسة ورسل الرب الذين عينهم بنفسه ليكونوا شهودا له فى كل المسكونة.

   هذا السر هو أن المسيح يسوع كان أى منذ الأزل فى صورة إلوهيم ( فيلبى 2 : 5 -6 ) بمعنى أن صورة المسيح الإنسانية هى صورة إلوهيم الذى خلقنا على صورته كشبهه .

    وأنه أخفى صورته تدبيريا لكى لا يعرفه أحد من عظمـاء هذا الدهر لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد ( كورنثوس الأولى 2 : 7 - 8 ).

    وقد كشف الرب لتلاميذه هذا السر عندما استصعبوا كلامه عن أنه الخبز الحى النازل من السماء بقوله لهم :

    أهـذا يعثركم ؟ فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلى حيث كان أولا ( يوحنا 6 : 62 ).       

    بمعنى ماذا ان رأيتمونى صاعد إلى حيث كنت أولا بذات صورتى التى ترونها الآن التى نظرها بعض الأباء والأنبياء فى مواضع وأزمنة مختلفة حيث نظره حزقيال النبى جالسا فوق مقبب مركبة الكروبيم ووصفه قائلا : " وعلى شبه العرش شبه كمنظر إنسان عليه من فوق " ( حزقيال 1: 26 -28 ) كما وصفه دانيال النبى بقوله : " ورأيت مثل ابن إنسان " ( دانيال 7 : 13 ) وقد أوضح الرب ماهية صورته الإنسانية التى هى صورة إلوهيم بأنها من الأسرار الإلهية بقوله:

   " إن كنت قلت لكم الأرضيات ولستم تؤمنون ، فكيف تؤمنون إن قلت لكم السماويات وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ، ابن الإنسان الذي هو في السماء " ( يوحنا 3 :  12 - 13 ).

   هذا هو سر المسيح أن صورته كابن إنسان هى ذات صورة إلوهيم بهاء مجده ورسم جوهره, وهى صورة روحية غير محدودة نزل بها من السماء وهو لم يزل بها فى السماء وتجسد بها من مريم العذراء, باشتراكه معنا فى اللحم والدم ( العبرانيين 2 : 14 ).

     هذا السر أى كينونته فى صورة ابن انسان منذ الأزل, لم يدركها عظماء هذا الدهر. رغم أنه معلن من أول إصحاحات سفر التكوين عندما سمع أدم وحواء صوت الرب ماشيا فى الجنة .. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله ( تكوين 3 : 8 ) وهو الذى نفخ فى أنف آدم نسمة حياة فصار آدم نفسا حية, لهذا قيل أن نفس انوفنا مسيح الرب ( مراثى إرميا : 4 : 20 ).

    لأن حكمة إلوهيم اقتضت فى الأزمنة السابقة أن يبقى سر المسيح خالق الجميع مكتوما عن الرؤساء والسلاطين حتى يتمموا القصد الإلهى فى المسيح يسوع من أجل خلاصنا لأنهم لو عرفوا فى وقته ما هو غنى سر المسيح وأنه صورة إلوهيم وكمال الإعلان عن الذات الإلهية لما صلبوه.

    هذا السر المكتوم منذ الدهـور فى إلوهيم خالق الجميع بيسوع المسيح. لكى يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين .. بواسطة الكنيسة ( أفسس 3 : 3 - 10 ) اغلق على الكثير من أساقفة الكنيسة كنسطور وثيؤدورت ولاون وساويرس الأنطالكى ويعقوب البرادعى وغيرهم الذين نادوا بتعاليم متعارضة مؤسسة على بدعة انكار لاهوت المسيح بالقول أن العذراء لم تلد الكلمة بل ولدت انسانت يدعى يسوع المسيح بروح انسانية عاقلة, فصار فى المسيح شخصين عاقلين, فلما تم حرم هذه البدعة فى مجمع أفسس الأول سنة 431 ميلادية اجتمع اقطاب النسطورية وابتدعوا بدعة جديدة زعموا فيها أن الكلمة هو المشخص للروحين الإنسانية والإلهية فى جسد الإنسان يسوع المسيح.

     فلما تم حرم هذه البدعة أيضا فى مجمع أفسس الثانى سنة 449 ميلادية وتجدد حرمها فى مجمع خلقيدونية سنة 451 ميلادية ظهر ساويرس الأنطاكى الذى بعد أن قبل بدعة مجمع خلقيدونية خالفها بالقول أن الطبيعتان إئتلفتا فى طبيعة جديدة ليست إلهية ولا انسانية ولا هما معا مشخصة بالكلمة, فلما تم حرمه ونفيه من كرسيه اقام تلميذه يعقوب البرادعى اسقفا عاما لنشر بدعته إلا أن يعقوب البرادعى خالف معلمه باقول : بأنه كما أن الطبيعتان إئتلفتا هكذا ايضا إئتلف الابنين فى ابن واحد هو الشخص المسمى يسوع المسيح ( العلامة ابن المكين " الحاوى " ص 45 ).

    وهكذا سقطوا جميعهم فى بدعة عبادة مخلوق محدث مثلنا زعموا انه هو يسوع المسيح وانه نال حلولا إلهيا فاستبدلوا حق إلوهيم بالكذب, لأنهم لما عرفوا إلوهيم ( أى المسيح الكلمة المتجسد ) لم يمجدوه أو يشكروه كإله، بل حمقوا في أفكارهم، وأظلم قلبهم الغبي, وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء, وأبدلوا مجد إلوهيم ( أى المسيح الذى هو بهاء مجد إلوهيم ورسم جوهره ) الذي لا يفنى ( أى الذى لا يموت أى لا يخضع للموت لأن روح المسيح الأزلى هو روح الحياة الذى اباد الموت بالموت عندما التقى به فى جسده ) بشبه صورة الإنسان ( بقولهم أن العذراء لم تلد المسيح الكلمة. بل ولدت انسان يدعى يسوع المسيح له روح انسانية عاقلة مثلنا ) الذي يفنى ( أى يخضع لسلطان الموت مثل سائر أرواح البشر التى بموت الدم تمسك أرواحها من جسد الموت كما فى سجن ) .. الذين استبدلوا حق إلوهيم بالكذب، واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق، الذي هو مبارك إلى الأبد ( رومية 1 : 21 -25 ).

    والواقع أن النساطرة بصرف النظر عن كيفية إتحاد الطبيعتين المختلف حولها فيما بينهم فإنهم جميعا سرعان ما يهدمون معتقداتهم بقولهم بأن الإتحاد بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير بما يعنى أن الطبيعتين قائمتتين كل بعقلها الخاص, فضلا عن انهم يهدمون هذا الإتحاد فى الأحوال التى يزعمون فيها أن الكلمة فارق الإنسان ليتألم وحده, وهم يعتقدون أن الجسد يموت بخروج الروح من الجسد وليس بموت الدم الذى هو علة حياة الجسد, ومن ثم فإن قيامة المسيح عند النساطرة لا تتحقق إلا بعودة روحه الإنسانية إليه فى اليوم الثالث ( نسطور " ظهور المسيح المحيى " ف 17 ) منكرين بذلك قيامته بالروح القدس المحيى الذى بمجرد أن مات موتنا بموت الدم أباد الموت بروح الحياة الذى فيه الذى اعتقنا من حكم الخطية والموت ( رومية 8 : 2 ).

    ومن الأسرار أيضا أن الحكمة مسح مسيحا منذ الأزل, وأن المسيح ليس إنسان وإن ظهر فى الهيئة كإنسان, وأن الآب لا يرى إلا من خلال صورة ابنه, وأن الأبن هو سر العبادة الحقيقية, وأن روحه هو روح القيامة والحياة الذى يجمعنا إلى واحد.